للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَملِكُ الرَّدَّ قَهرًا على البائِعِ، وله أرشُ العَيبِ القَديمِ؛ لأنَّ الرَّدَّ ثبَت لِإزالةِ الضَّررِ، وفي الرَّدِّ على البائِعِ إضرارٌ به، ولا يُزالُ الضَّرَرُ بالضَّرَرِ؛ لأنَّه خرَج عن مِلكِه سالِمًا، ويَعودُ مَعيبًا، فامتُنِعَ، ولا بدَّ مِنْ دَفعِ الضَّرَرِ عنه، فتَعيَّنَ الرُّجوعُ بالنُّقصانِ.

قالَ الحَنفيَّةُ: إلَّا أنْ يَرضَى البائِعُ أنْ يَأخُذَه مِنه بعَيبِه فله ذلك؛ لأنَّه رَضيَ بإسقاطِ حَقِّه، والتِزامِ الضَّررِ؛ فإنْ رَضيَ البائِعُ بذلك وأرادَ المُشتَري حَبسَ المَبيعِ والرُّجوعَ بحِصَّةِ العَيبِ فليسَ له ذلك، بَلْ إنْ شاءَ المُشتَري أمسَكَه ولا يَرجِعُ بحِصَّةِ العَيبِ، وإنْ شاءَ رَدَّه.

وصورةُ الرُّجوعِ بالنُّقصانِ: أنْ يُقوَّمَ المَبيعُ وليسَ به العَيبُ القَديمُ، ويُقوَّمَ وبه ذلك العَيبُ؛ فيُنظَرُ إلى ما نقَص مِنْ قيمَتِه لِأجْلِ العَيبِ، ويُنسَبُ مِنْ القيمةِ السَّليمةِ؛ فإنْ كانَتِ النِّسبةُ العُشرَ رجَع بعُشرِ الثَّمنِ، وإنْ كانَتِ النِّصفَ فبِنِصفِه، بَيانُه إذا اشتَرَى ثَوبًا بعَشَرةِ دَراهِمَ وقيمَتُه مِئة دِرهَمٍ، واطَّلَعَ على عَيبٍ يَنقُصُه عَشَرةَ دَراهِمَ وقد حدَث به عَيبٌ آخَرُ فإنَّه يَرجِعُ على البائِعِ بعُشرِ الثَّمنِ، وذلك دِرهَمٌ، وإنْ كانَ يُنْقَصُ مِنْ قيمَتِه لِأجْلِ العَيبِ عِشرونَ رجَع بخُمسِ الثَّمنِ، وهو دِرهَمانِ، ولو اشتَراه بمِئتَيْنِ وقيمَتُه مِئةٌ ويَنقُصُ مِنْ قيمَتِه لِأجْلِ العَيبِ عَشَرةٌ فإنَّه يَرجِعُ بعُشرِ الثَّمنِ، وذلك عِشرونَ، ولو كانَ العَيبُ يُنقِصُه عِشرينَ رجَع بخُمسِ الثَّمنِ، وذلك أربَعونَ (١).


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٦٣، ٦٤)، و «اللباب» (١/ ٣٧٣)، و «الهداية» (٣/ ٣٧)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٣٦٥)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٣٤)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>