اختِلافِه هو ومالِكٌ: ولو ذهَب ذاهِبٌ إلى أنَّ مَنْ باعَ بالبَراءةِ بَرِئَ ممَّا عَلِمَ وممَّا لَم يَعلَم، لَكانَ مَذهبًا يُجافيه حُجَّةٌ.
واختلَف أصحابُنا لِاختِلافِ نَصِّه على ثَلاثةِ مَذاهبَ:
أحَدُها: وهو مَذهبُ أبي إسحاقَ المَروَزيِّ وأبي علِيِّ بنِ خَيرانَ: أنَّ المَسألةَ على قَولٍ واحِدٍ، وهو أنْ يُبرَأَ في الحَيَوانِ مِنْ كلِّ عَيبٍ لَم يَعلَمه دونَ ما عَلِمَه، ولا يُبرَأَ في غيرِ الحَيَوانِ مِنْ عَيبٍ أصلًا، سَواءٌ عَلِمَه أو لَم يَعلَمه.
والمَذهبُ الثاني: وهو قَولُ أبي عَلِيِّ بنِ أبي هُرَيرةَ: أنَّه يُبرَأُ في الحَيَوانِ ممَّا لَم يَعلَمه دونَ ما عَلِمَه، ولا يُبرَأُ في غيرِ الحَيَوانِ ممَّا عَلِمَه، وهل يُبرَأُ ممَّا لَم يَعلَمه؟ على قَولَيْنِ.
والمَذهبُ الثالِثُ: وهو قَولُ أبي العَبَّاسِ بنِ سُرَيجٍ وأبي سَعيدٍ الإصطَخريِّ وأبي حَفصِ بنِ الوَكيلِ: أنَّ المَسألةَ على ثَلاثةِ أقاويلَ:
أحَدُها: أنَّه يُبرَأُ مِنْ كلِّ عَيبٍ عَلِمَه أو لَم يَعلَمه في الحَيَوانِ، أو في غيرِ الحَيَوانِ، وهذا قَولُ أبي حَنيفةَ.
والقَولُ الثاني: أنَّه لا يُبرَأُ مِنْ عَيبٍ أصلًا، سَواءٌ عَلِمَه أو لَم يَعلَمه في الحَيَوانِ وغيرِه.
والقَولُ الثالِثُ: أنَّه يُبرَأُ في الحَيَوانِ ممَّا لَم يَعلَمه دونَ ما عَلِمَه، ولا يُبرَأُ في غيرِ الحَيَوانِ، لا ممَّا يَعلَمُه ولا ممَّا لَم يَعلَم.
فإذا قيلَ بالأوَّلِ بأنَّه يُبرَأُ مِنْ كلِّ عَيبٍ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ، فوَجهُه قَولُ رَسولِ اللَّهِ ﷺ:«المُؤمِنونَ عندَ شُروطِهم»، وما رُويَ أنَّ