للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيَّةُ: إذا تلِف المَبيعُ بآفةٍ سَماويَّةٍ في زَمَنِ الخيارِ فإنْ كانَ قبلَ القَبضِ انفسخَ البَيعُ، وإنْ كانَ بعدَه وقُلْنا: المِلْكُ لِلبائِعِ، انفسخَ أيضًا؛ فيُسترَدُّ الثَّمنُ ويُغرَّمُ المُشتَري لِلبائِعِ البَدَلَ، وهو المِثلُ أو القيمةُ.

وإنْ قُلْنا: المِلْكُ لِلمُشتَري، أو مَوقوفٌ، فوَجهانِ أو قَولانِ:

أحَدُهما: يَنفَسِخُ أيضًا؛ لِحُصولِ الهَلاكِ قبلَ استِقرارِ العَقدِ، وعلى المُشتَري القيمةُ يَومَ التَّلَفِ؛ لأنَّ المِلْكَ قبلَ ذلك لِلمُشتَري.

وأصَحُّهما: لا يَنفسِخُ؛ لِدُخولِه في ضَمانِ المُشتَري بالقَبضِ، ولا أثَرَ لِوِلايةِ الفَسخِ، كما في خيارِ العَيبِ، وفي انقِطاعِ الخيارِ وَجهانِ:

أحَدُهما: يَنقطِعُ كما يَنقطِعُ خيارُ الرَّدِّ بالعَيبِ بتَلَفِ المَبيعِ.

وأصَحُّهما: لا، كما لا يَمتنِعُ التَّحالُفُ بثَمَنِ المَبيعِ، ويُخالِفُ الرَّدَّ بالعَيبِ؛ لأنَّ الضَّرَرَ هُناكَ يَندفِعُ بالأرشِ.

فإنْ قُلنا بالأوَّلِ استَقَرَّ العَقدُ ولزِم الثَّمنُ، وإنْ قُلنا بالثَّاني فإن تَمَّ العَقدُ وجَب الثَّمنُ، وإلَّا وَجَبتِ القيمةُ على المُشتَري، ويُردُّ الثَّمنُ، وإنْ تَنازَعا في قَدْرِ القيمةِ فالقَولُ قَولُ المُشتَري بيَمينِه، وقَطَعتْ طائِفةٌ مِنْ الأصحابِ بعَدَمِ الِانفِساخِ.

قالَ النَّوويُّ : وإنْ قُلنا: المِلْكُ لِلبائِعِ، وهو ظاهِرُ كَلامِ المُصنِّفِ، قالَ الإمامُ: وذَكَروا تَفريعًا أنَّه لو لَم يَنفسِخْ حتى انقَضى زَمَنُ الخيارِ فعلى البائِعِ رَدُّ الثَّمنِ، وعلى المُشتَري القيمةُ، قالَ الإمامُ: وهذا تَخليطٌ ظاهِرٌ.

وقالَ أيضًا: لو قبَض المُشتَري المَبيعَ في زَمَنِ الخِيارِ، وأتلَفَه مُتلِفٌ قبلَ انقِضائِه، إنْ قُلنا: المِلْكُ لِلبائِعِ انفسخَ البَيعُ، كالتَّلَفِ، وإنْ قُلنا: لِلمُشتَري،

<<  <  ج: ص:  >  >>