للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، كالحَيَوانِ، حلَف المُشتَري، وسَواءٌ أكانَ مُتَّهَمًا أم لا، ويَضمَنُه البائِعُ، إلَّا إذا ظهَر كَذِبُ المُشتَري، فيَكونُ مِنْ ضَمانِه، ولا تُقبَلُ دَعواه، والضَّمانُ عليه، مثلَ أنْ يَقولَ: ضاعَتْ أمْسِ. فتَقولَ البَيِّنةُ: رَأيناها أمسِ. أو يَقولَ: ضاعَتْ أوَّلَ أمسِ بمَحضَرِ فُلانٍ. فيَقولَ فُلانٌ: لَم يَكُنْ ذلك في عِلمي. أو يَشهَدَ عليه بأنَّه أكَلَه أو أتلَفَه أو باعَه، فإنَّه يَضمَنُ، ولا يُقبَلُ مِنه يَمينٌ.

وأمَّا إنْ كانَ ممَّا يُغابُ عليه، كالحُليِّ ونَحوِها، وادَّعَى المُشتَري هَلاكَه أو ضَياعَه يَكونُ مِنْ ضَمانِه، إلَّا إذا أقامَ بَيِّنةً على صِدقِ دَعواه، فيُصدَّقُ ويَكونُ الضَّمانُ على البائِعِ.

وإذا ضمِن المُشتَري فيما إذا قبَض المَبيعَ وهو ممَّا يُغابُ عليه، وقد انعقَد البَيعُ على أنَّ الخيارَ لِلبائِعِ، فإنَّ المُشتَريَ يَضمَنُ الأكثَرَ مِنْ الثَّمنِ أو القيمةِ؛ لأنَّ مِنْ حُجَّةِ البائِعِ أنْ يَقولَ: أمضَيتُ، إنْ كانَ الثَّمنُ أكثَرَ، وأنْ يَقولَ: رَدَدتُ إنْ كانَتِ القيمةُ أكثَرَ، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ، إلَّا أنْ يَحلِفَ المُشتَري أنَّه لَم يُهلِكْه وإنَّما هلَك بغيرِ سَبَبِه، فلا يَضمَنُ سِوَى الثَّمنِ، كما لو كانَ الخيارُ له، وغابَ على المَبيعِ، وادَّعَى تَلَفَه ضمِن الثَّمنَ فَقط.

وقالَ أشهَبُ: يَضمَنُ الأكثَرَ مُطلَقًا، ولَم يُقبَلِ اليَمينُ منه.

وإن كانَ الخيارُ لَهما فيما يَغيبُ عليه فالظَّاهِرُ تَغليبُ جانِبِ البائِعِ؛ لأنَّ المِلْكَ له حينَئذٍ، فيَضمَنُ المُشتَري الأكثَرَ مِنْ الثَّمنِ والقيمةِ إنْ لَم يَحلِفْ ما فَرَّطَ، وإلَّا ضمِن الثَّمنَ فَقط (١).


(١) «المدونة الكبرى» (٤/ ١٩٥، ١٩٦)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٥٩١، ٥٩٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ١٦٨، ١٦٩)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ١٢٠، ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>