تَكونَ بعدَ القَبضِ، وإمَّا أنْ تَكونَ ممَّا لا يَغيبُ عليه، كالحَيوانِ، أو ممَّا يَغيبُ عليه، كالحُليِّ؛ فهل تَكونُ مِنْ ضَمانِ البائِعِ أو مِنْ ضَمانِ المُشتَري؟ على خِلافٍ وتَفصيلٍ عندَ الفُقهاءِ:
فَقالَ الحَنفيَّةُ: لو هَلكَ المَبيعُ في يَدِ البائِعِ انفسخَ البَيعُ ولا شَيءَ على المُشتَري؛ فإذا قبَضه المُشتَري وهلَك في يَدِه في مُدةِ الخيارِ -وكانَ الخيارُ لِلبائِعِ- ضمِنه بالقيمةِ، إذا لَم يَكُنْ مِثليًّا، أمَّا إذا كانَ مِثليًّا فعليه مِثلُه؛ لأنَّه لَم يَنفُذِ البَيعُ، ولا نَفاذَ لِلتَّصرُّفِ بدُونِ المِلْكِ؛ فصارَ كالمَقبوضِ على سَومِ الشِّراءِ، وفيه القيمةُ.
وإنْ كانَ الخيارُ لِلمُشتَري وهلَك في يَدِه هلَك بالثَّمنِ؛ لأنَّه عَجَزَ عن رَدِّه، فلزِمه ثَمَنُه، وكذلك إنْ دَخلَها عَيبٌ؛ لأنَّ العَيبَ يَمنعُ الرَّدَّ، والهَلاكُ لا يَخلو مِنْ مُقدِّمةِ عَيبٍ، فيَهلِكُ بعدَ انبرامِ العَقدِ، فيَلزَمُه الثَّمنُ.
والفَرقُ بينَ الثَّمنِ والقيمةِ أنَّ الثَّمنَ ما تَراضَى عليه المُتبايِعانِ، سَواءٌ زادَ على القيمةِ أو نقَص، والقيمةُ ما قُوِّمَ به الشيءُ بمَنزِلةِ المِعيارِ مِنْ غيرِ زيادةٍ ولا نُقصانٍ (١).
وقالَ المالِكيَّةُ في المَشهورِ بأنَّ المَبيعَ بالخِيارِ، سَواءٌ كانَ الخيارُ لِلبائِعِ أو لِلمُشتَري إذا قبَضه المُشتَري؛ فتلِف أو ادَّعَى ضَياعَه، وكانَ ممَّا لا يُغابُ
(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٥، ٤١)، و «الاختيار» (٢/ ١٧)، و «العناية» (٨/ ٤٥٢)، و «المحيط البرهاني» (٦/ ٥٨٦، ٥٨٧)، و «الهداية» (٣/ ٢٨)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ١٦)، و «البحر الرائق» (٦/ ١٣)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٣٧)، و «اللباب» (١/ ٣٦٢، ٣٦٣)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٤٨٧).