ثابِتٌ قبلَ العَقدِ، وإنَّ المُتَبايِعَيْنِ هما المُتَشاغِلانِ بالبَيعِ، كما تَقدَّمَ.
ولأنَّه لو صَحَّ خِيارُ المَجلِسِ، لِتعذُّرِ تَوَلِّي واحِدٍ طَرَفَيِ العَقدِ، كشِراءِ الأبِ لِابنِه الصَّغيرِ والوَصيِّ والحاكِمِ؛ لأنَّ ذلك مُجمَعٌ عليه، فيَلزَمُ تَركُ العَمَلِ بالدَّليلِ.
ولأنَّه عَقدٌ وقَع الرِّضا به، فيَبطُلُ خِيارُ المَجلِسِ فيه، كما بعدَ الإمضاءِ.
ولأنَّ هذا عَمَلُ أهلِ المَدينةِ، وهو مُقدَّمٌ على خَبَرِ الواحِدِ.
ولا يثبُتُ الخِيارُ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهما إلَّا إذا كانَ مِنْ عَيبٍ، أو عَدَمِ رُؤيةٍ، أو خِيارِ الشَّرطِ.
وقالَ أبو عمرَ بنُ عَبدِ البَرِّ ﵀: قد أكثَرَ المُتأخِّرونَ مِنْ المالِكيِّينَ والحَنَفيِّينَ مِنْ الِاحتِجاجِ لِمَذهبِهما في رَدِّ هذا الحَديثِ -أي:«المُتبايِعانِ بالخِيار ما لَم يَتفرَّقا» - بما يَطولُ ذِكرُه، وأكثَرُه تَشغيبٌ لا يُحصَلُ مِنه على شَيءٍ لازِمٍ لا مَدفَعَ له، ومِن جُملةِ ذلك أنَّهم نَزَعوا بالظَّواهِرِ، وليسَ ذلك مِنْ أصلِ مَذهبِهم، فاحتَجُّوا بعُمومِ قَولِ اللَّهِ ﷾: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، قالوا: وهذانِ قد تَعاقَدا، وفي هذا الحَديثِ إبطالُ الوَفاءِ بالعَقدِ، وبعُمومِ قَولِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ:«مَنِ ابتاعَ طَعامًا فلا يَبِعْه حتى يَستَوفيَه»(١)، قالوا: فقد أطلَقَ بَيعَه، إذا استَوفاه قبلَ التَّفرُّقِ وبعدَه، وبأحاديثَ كَثيرةٍ مِثلِ هذا، فيها إطلاقُ البَيعِ دونَ ذِكرِ التَّفرُّقِ، وهذه ظَواهِرُ، وعُمومٌ، لا يُعتَرَضُ بمِثلِها على الخُصوصِ والنُّصوصِ، وباللَّهِ ﷾ التَّوفيقُ.