للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُشتَرِي لَم يُتِمَّا العَقدَ مِنْ الإيجابِ والقَبولِ، يَجوزُ لِأحَدِهما أنْ يَرجِعَ في البَيعِ؛ فإنْ تَمَّ العَقدُ فلا خِيارَ لِأحَدِهما، وإنْ كانا في المَجلِسِ فإنْ حصَل الإيجابُ والقَبولُ في البَيعِ الصَّحيحِ لزِم البَيعُ، وإنْ لَم يَتِمَّ القَبضُ ويَثبُتَ المِلْكُ لِكُلٍّ منهما، ولا خِيارَ بالفَسخِ لِواحِدٍ مِنْ المُتعاقدَيْنِ بعدَ القَبولِ في المَجلِسِ؛ لأنَّ في الفَسخِ إبطالَ حَقِّ الآخَرِ؛ فلا يَجوزُ، والتَّفرُّقُ المَقصودُ في قَولِ النَّبيِّ : «البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَم يَتفرَّقا» (١) تَفرُّقُ الأقوالِ، لا تَفرُّقُ الأبدانِ؛ لقولِه : «مَنِ ابتاعَ طَعامًا فلا يَبِعْه حتى يَستَوفيَه» (٢). ووَجْهُ الدِّلالةِ أنَّه عبَّر عن المَنعِ مِنْ البَيعِ باستِيفاءِ المَبيعِ؛ فإذا استَوفَى جازَ البَيعُ، سَواءٌ استَوفَى في المَجلِسِ أو بعدَه.

والبَيعُ لا يَجوزُ إلَّا بعدَ ثُبوتِ المِلْكِ، ولأنَّ البَيعَ عَقدُ مُعاوَضةٍ، فيَلزَمُ بالإيجابِ والقَبولِ، كالنِّكاحِ.

ولقولِه في بَعضِ الطُّرُقِ في أبي داوُدَ والدارَقُطنيِّ: «البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَم يَتفرَّقا، إلَّا أنْ تَكونَ صَفقةَ خِيارٍ، ولا يَحِلُّ له أنْ يُفارِقَ صاحِبَه خَشيةَ أنْ يَستَقيلَه» (٣)، فلو كانَ خِيارُ المَجلِسِ مَشروعًا لَم يَحتَجْ لِلإقالةِ، فإنَّ مَنْ تَوجَّهتْ نَفْسُه يَختارُ الفَسخَ، ولمَّا صرَّح بما يَقتَضي احتياجُه لِلآخَرِ، وهو الإقالةُ، دَلَّ على بُطلانِ خِيارِ المَجلِسِ بعدَ العَقدِ، وإنَّما هو


(١) رواه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢).
(٢) رواه البخاري (٢١٢٦)، ومسلم (١٥٢٦).
(٣) حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٤٥٦)، والترمذي (١٢٤٧)، والنسائي (٤٤٨٣)، وأحمد (٦٧٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>