للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأمَّا نَهيُه عن بَيعِ ما ليسَ عندَه فهو أنْ يَبيعَ ما ليسَ في مِلْكِه، ثم مَلَكَه بوَجْهٍ مِنْ الوُجوهِ، فإنَّه لا يَجوزُ إلَّا في السَّلَمِ؛ فإنَّه رُخِّصَ فيه.

ومَن باعَ عَينًا على ألَّا يُسلِّمَها إلى شَهرٍ، أو إلى رَأْسِ الشَّهرِ، فالبَيعُ فاسِدٌ؛ لِأنَّه لا فائِدةَ لِلبائِعِ في تَأجيلِ المَبيعِ، وفيه شَرطُ نَفيِ التَّسليمِ المُستحَقِّ بالعَقدِ.

ومَن باعَ جاريةً إلَّا حَملَها، أو دابَّةً إلَّا حَملَها، فالبَيعُ فاسِدٌ.

والِاستِثناءُ لِمَا في البُطونِ على ثَلاثِ مَراتِبَ:

١ - في وَجْهٍ: العَقدُ فاسِدٌ، والِاستِثناءُ فاسِدٌ؛ فهو البَيعُ والإجارةُ، والكِتابةُ والرَّهنُ؛ لأنَّ هذه العُقودَ يُبطِلُها الشُّروطُ الفاسِدةُ، واستِثناءُ ما في البَطنِ بمَنزِلةِ شَرطٍ فاسِدٍ، والأصلُ أنَّ ما لا يَصحُّ إفرادُه بالعَقدِ لا يَصحُّ استِثناؤُه مِنْ العَقدِ، والحَملُ مِنْ هذا القَبيلِ، وهذا لأنَّه بمَنزِلةِ أطرافِ الحَيَوانِ؛ لِاتِّصالِه به خِلقةً، وبَيعُ الأصلِ يَتناوَلُها؛ فالِاستِثناءُ يَكونُ على خِلافِ المُوجِبِ؛ فلَم يَصحَّ؛ ويَصيرُ شَرطًا فاسِدًا، والبَيعُ يَبطُلُ به.

٢ - وفي وَجْهٍ: العَقدُ جائِزٌ والِاستِثناءُ فاسِدٌ، كالهِبةِ والصَّدَقةِ والنِّكاحِ، والخُلعِ والصُّلحِ عن دَمِ العَمدِ؛ لأنَّ هذه العُقودَ لا يُبطِلُها الشُّروطُ الفاسِدةُ، فيَصحُّ العَقدُ ويَبطُلُ الِاستِثناءُ ويَدخُلُ في العَقدِ الأُمِّ، والوَلَدُ جَميعًا، وكذا المُعتَقُ إذا أعتَقَ الجاريةَ واستَثنَى ما في بَطنِها، صَحَّ العِتقُ، ولَم يَصحَّ الِاستِثناءُ، يَعني أنَّها تُعتَقُ هي وحَملُها.

<<  <  ج: ص:  >  >>