٣ - وفي وَجْهٍ: كِلاهما جائِزٌ، كالوَصيَّةِ، إذا أوصَى لِرَجُلٍ بجاريةٍ واستَثنَى ما في بَطنِها؛ فإنَّه يَصحُّ الِاستِثناءُ وتَكونُ الجاريةُ لِلمُوصَى له، وما في بَطنِها لِلوَرَثةِ.
ومَن اشتَرَى ثَوبًا على أنْ يَقطَعَه البائِعُ ويَخيطَه قَميصًا، أو قَباءً، أو نَعلًا، على أنْ يَحذوَها -يَقطَعَها مِنْ الجِلدِ ويَعمَلَها-، أو يُشرِكَها، فالبَيعُ فاسِدٌ؛ لأنَّ هذا شَرطٌ لا يَقتَضيه العَقدُ، وفيه مَنفَعةٌ لِأحَدِهما.
قالَ البابَرتيُّ ﵀: مَنْ اشتَرَى صَرمًا، واشتَرطَ أنْ يَحذوَه أو نَعلًا على أنْ يُشرِكَها البائِعُ، فالبَيعُ فاسِدٌ في القياسِ.
ووَجْهُه ما بَيَّناه، أنَّه شَرطٌ لا يَقتَضيه العَقدُ، وفيه مَنفَعةٌ لِأحَدِ المُتعاقدَيْنِ.
وفي الِاستِحسانِ: يَجوزُ لِلتَّعامُلِ، والتَّعامُلُ قاضٍ على القياسِ؛ لِكَونِه إجماعًا فِعليًّا، كصَبغِ الثَّوبِ؛ فإنَّ القياسَ لا يَجوزُ فيه استِئجارُ الصَّبَّاغِ لِصَبغِ الثَّوبِ؛ لأنَّ الإجارةَ عَقدٌ على المَنافِعِ، لا الأعيانِ، وفيه عَقدٌ على العَينِ، وهو الصَّبغُ، لا الصَّبغُ وَحدَه، لكنْ جُوِّزَ لِلتَّعامُلِ جَوازَ الِاستِصناعِ (١).
وأمَّا المالِكيَّةُ فقالوا: الشَّرطُ الذي يَحصُلُ عندَ البَيعِ إمَّا أنْ يُنافيَ المَقصودَ، أو يُخِلَّ بالثَّمنِ، أو يَقتَضيَه العَقدُ، أو لا يَقتَضيَه، ولا يُنافيَه؛ فالمُضِرُّ الأوَّلانِ دونَ الأخيرَيْنِ.
(١) «العناية شرح الهداية» (٩/ ١٧٤)، و «البدائع» (٥/ ١٧٥)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٨٠، ٨٦)، و «اللباب» (١/ ٣٨١، ٣٨٣)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ٥٨، ٦٠)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٤٤٦، ٤٥١).