للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: فإنْ تلِف المَبيعُ في يَدِ المُشتَرِي فعليه ضَمانُه بقِيمَتِه يَومَ التَّلَفِ، قاله القاضي، ولأنَّ أحمدَ نصَّ عليه في الغَصبِ، ولأنَّه قبَضه بإذْنِ مالِكِه، فأشبَهَ العاريةَ، وذكَر الخِرَقيُّ في الغَصبِ أنَّه يَلزَمُه قِيمَتُه أكثَرَ ما كانَتْ؛ فيَخرُجُ ههُنا كذلك، وهو أوْلَى؛ لأنَّ العَينَ كانَتْ على مِلكِ صاحِبِها في حالِ زيادَتِها، وعليه ضَمانُ نَقْصِها مع زيادَتِها، فكذلك في حالِ تَلَفِها؛ كما لو أتلَفَها بالجِنايةِ، ولِأصحابِ الشافِعيِّ وَجهانِ، كالمَذهبَيْنِ (١).

وفي رَأيٍ آخَرَ عندَ الحَنفيَّةِ أنَّ المَبيعَ يَكونُ أمانةً عندَ المُشتَرِي، لا يُضمَنُ إلَّا بالتَّعَدِّي أو التَّفريطِ في الحِفظِ.

وفي ذلك يَقولُ الكاسانيُّ الحَنَفيُّ : إذا باعَ مالًا بما ليسَ بمالٍ حتى بطَل البَيعُ فقبَض المُشتَرِي المالَ بإذْنِ البائِعِ، هل يَكونُ مَضمونًا عليه أو يَكونُ أمانةً؟ اختلَف المَشايِخُ فيه:

قالَ بَعضُهم: يَكونُ أمانةً؛ لأنَّه مالٌ قبَضه بإذْنِ صاحِبِه في عَقدٍ وُجدَ صُورةً، لا مَعنًى، فالتَحَقَ العَقدُ بالعَدَمِ، وبَقيَ إذْنُه بالقَبضِ، وقالَ بَعضُهم: يَكونُ مَضمونًا عليه؛ لأنَّ المَقبوضَ على حُكمِ هذا البَيعِ لا يَكونُ دونَ المَقبوضِ على سَومِ الشِّراءِ، وذلك مَضمونٌ، فهذا أوْلَى (٢).


(١) «حاشية ابن عابدين» (٤/ ١٢٥)، و «مجمع الضمانات» (٤٧٦)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٦٢)، و «كفاية الطلب» (٢/ ١٤٨)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٢٧)، و «حاشية الدسوقي» (٣/ ٧١)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٣٦)، و «حاشية الجمل» (٣/ ٨٤)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٨٦/ ٨٧)، و «المغني مع الشرح» (٥/ ٦٠٨/ ٦٠٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٩٨)، و «بلغة السالك» (٣/ ٦٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٠٥)، و «ابن عابدين» (٤/ ١٠٥)، و «درر الحكام» (١/ ٣٣٤) المادة (٣٧٠)، وكتابي «الجامع لأحكام الكفالة والضمانات على المذاهب الأربعة» (٢/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>