فقالَ أبو حَنيفةَ ﵀: الباطِلُ لا يُفيدُ المِلْكَ؛ لأنَّ الباطِلَ هو الخالي عنِ العِوَضِ والفائِدةِ، ويَكونُ أمانةً في يَدِه حتى لو هلَك فلا ضَمانَ على القابِضِ، لأنَّه لمَّا باعَ بما ليسَ بمالٍ وأمَرَه بقَبضِه فقد رَضيَ بقَبضِه بغيرِ بَدَلٍ ماليٍّ، فلا يَضمَنُ، كالمُودَعِ.
فلو اشتَرَى عَبدًا بمَيْتةٍ وقبَضه وأعتَقَه لا يُعتَقُ عندَ أبي حَنيفةَ، وعندَ الصَّاحِبَيْنِ يَكونُ البَيعُ الباطِلُ مَضمونًا ويَهلِكُ بالقِيمةِ؛ لأنَّ البائِعَ ما رَضيَ بقَبْضِه مَجَّانًا.
والمُعتبَرُ في القِيمةِ هو يَومُ القَبضِ؛ لأنَّ المَبيعَ بالقَبضِ دخَل في ضَمانِه، هذا إذا كانَ المَبيعُ قِيَميًّا؛ فإنْ كانَ مِثليًّا مَلَكَه بمِثلِه؛ إذْ هو أعدَلُ؛ لِكَونِه مِثْلًا له، صُورةً ومَعنًى.
والفاسِدُ يُفيدُ المِلْكَ بالقَبضِ بأمْرِ البائِعِ صَريحًا أو دِلالةً، كما إذا قبَضه في المَجلِسِ وسكَت حتى يَجوزَ له التَّصرُّفُ فيه إلَّا الِانتِفاعَ.
لِمَا رَوَتْ عَمرةُ عن عائِشةً ﵂ أنَّها أتَتْها بَريرةُ تَسألُها في كِتابَتِها، فقالَتْ: إنْ شِئتِ أعطَيتُ أهلَكِ ويَكونُ الوَلاءُ لي. فلمَّا جاءَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ ذَكَرتْ له ذلك، قالَ النَّبيُّ ﷺ: ابتاعيها فأعتِقيها؛
= (٣/ ٥٥٣، ٥٥٧)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٢١١، ٢١٣)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٤٠١، ٤٠٣)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٨٦)، و «الواكة الدواني» (٢/ ٨٨)، و «كفاية الطالب وحاشية العدوي» (٢/ ١٤٨)، و «القوانين الفقهية» (١٧٢).