للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثلِه مُدَّةَ بَقائِه في يَدِه، وإنْ نقَص ضمِن نَقْصَه، وإنْ تلِف فعليه ضَمانُه بقِيمَتِه يَومَ التَّلَفِ، وذلك لِحُصولِه بيَدِه بغيرِ إذْنِ الشَّرعِ، أشبَهَ المَغصوبَ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: إنَّ المُشتَريَ إذا قبَض المَبيعَ في البَيعِ الفاسِدِ، دخَل في ضَمانِه؛ لأنَّه لَم يَقبِضْه على وَجْهِ الأمانةِ، وإنَّما قبَضه على التَّمليكِ، بحَسَبِ زَعْمِه، وإنْ لَم يَنتقِلْ إليه المِلْكُ، بحَسَبِ الأمْرِ نَفْسِه، ويَتعيَّنُ عليه رَدُّه إلى رَبِّه، ما لَم يَفُتْ، وُجوبًا، ويَحرُمُ انتِفاعُ المُشتَرِي به ما دامَ قائِمًا، كأنْ لَم يَخرُجْ عن يَدِه ببَيعٍ أو بُنيانٍ أو غَرسٍ.

ولا غَلَّةَ تَصحَبُه في رَدِّه، بَلْ يَفوزُ بها المُشتَرِي؛ لأنَّه كانَ في ضَمانِه، ولأنَّ الغَلَّةَ بالضَّمانِ، ولا يُرجَعُ على البائِعِ بالنَّفَقةِ؛ لأنَّ مَنْ له الغَلَّةُ عليه النَّفَقةُ؛ فإنْ أنفَقَ على ما لا غَلَّةَ له رجَع بها، وإنْ أنفَقَ على ما له غَلَّةٌ لا تَفي بالنَّفَقةِ رجَع بزائِدِ النَّفَقةِ.

فإنْ فاتَ المَبيعُ فاسِدًا بيَدِ المُشتَرِي -بأنْ تَغيَّرتْ ذاتُه أو تَعيَّبَ أو تَعلَّقَ به حَقُّ الآخَرينَ- مَضى المُختلَفُ فيه -ولو في خارِجِ المَذهبِ المالِكيِّ- بالثَّمنِ الذي وقَع به البَيعُ.

وإنْ لَم يَكُنْ مُختلَفًا فيه، بَلْ كانَ مُتَّفقًّا على فَسادِه، ضمِن المُشتَرِي قِيمَتَه إنْ كانَ مُقوَّمًا يَومَ القَبضِ، وضمِن مثلَ المِثليِّ إذا بِيعَ كَيلًا أو وَزنًا، وعُلم كَيلُه أو وَزنُه، ولَم يَتعذَّرْ وُجودُه، وإلَّا ضمِن قِيمَتَه يَومَ القَضاءِ عليه بالرَّدِّ (٢).


(١) «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٢٣٧)، و «القواعد» لابن رجب (١/ ٦٦)، و «كشف المخدرات» (١/ ٣٧٣)، و «منار السبيل» (٢/ ١٨)، و «حاشية اللبدي» ص (١٧٢).
(٢) يُنظر: «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ١١٥، ١١٦)، و «تحبير المختصر» =

<<  <  ج: ص:  >  >>