أو يَقولُ: عِندي هذا المالُ يُساوي ألْفَ دِرهَمٍ، أو يُحضِرانِ مَنْ يُقوِّمُه بألْفِ دِرهَمٍ، ثم يَبيعُه بأكثَرَ مِنه إلى أجَلٍ، فهذا ممَّا نُهيَ عنه في الصَّحيحِ.
وما اكتَسَبَه الرَّجُلُ مِنْ الأموالِ بالمُعامَلاتِ التي اختَلَفتْ فيها الأُمَّةُ كهَذِه المُعامَلاتِ المَسؤولِ عنها وغيرِها، وكانَ مُتأوِّلًا في ذلك ومُعتقِدًا جَوازَه؛ لِاجتِهادٍ أو تَقليدٍ أو تَشبُّهٍ ببَعضِ أهلِ العِلمِ، أو لأنَّه أفتاه بذلك بَعضُهم، ونَحوِ ذلك؛ فهذه الأموالُ التي كَسَبوها وقَبَضوها ليسَ عليهم إخراجُها، وإنْ تَبيَّن لَهم بعدَ ذلك أنَّهم كانوا مُخطِئينَ في ذلك، وأنَّ الذي أفتاهم أخطأَ؛ فإنَّهم قَبَضوها بتَأويلٍ، فلَيسوا أسوَأَ حالًا ممَّا اكتَسَبَه الكُفَّارُ بتَأويلٍ باطِلٍ.
فَإنَّ الكُفَّارَ إذا تَبايَعوا بينَهم خَمرًا أو خِنزيرًا وهُم يَعتقِدونَ جَوازَ ذلك، وتَقابَضوا مِنْ الطَّرفَيْنِ أو تَعامَلوا برِبًا صَريحٍ يَعتقِدونَ جَوازَه وتَقابَضوا مِنْ الطَّرفَيْنِ، ثم أسلَموا، ثم تَحاكَموا إلينا، أقرَرْناهم على ما بأيديهم، وجازَ لَهم بعدَ الإسلامِ أنْ يَنتَفِعوا بذلك، كما قالَ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)﴾ [البقرة: ٢٧٨]، فأمَرَهم بتَركِ ما بَقيَ لَهم في الذِّمَمِ، ولَم يَأمُرْهم بإعادةِ ما قَبَضوه، وكانَ بَعضُ نُوَّابِ عمرَ بالعِراقِ يَأخُذونَ مِنْ أهلِ الذِّمَّةِ الجِزيةَ خَمرًا، ثم يَبيعونَها لَهم، فكتَب إليه عمرُ يَنهاه عن ذلك، وقالَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لعَن اللَّهُ اليَهودَ، حُرِّمتْ عليهم الشُّحومُ فباعوها وأكَلوا أثمانَها»، ولكنْ وَلُّوهم بَيعَها وخُذوا أثمانَها، فنَهاهم عمرُ عن بَيعِ الخَمرِ، وقالَ: وَلُّوا بَيعَها الكُفَّارَ، فإذا باعوها هُمْ لِأهلِ دِينِهم وقَبَضوا أثمانَها جازَ لِلمُسلِمينَ أنْ يَأخُذوا ذلك