للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرِئٍ ما نَوَى؛ فإنَّ هذَيْنِ قد قَصَدا الرِّبا الذي أنزَلَ اللَّهُ في تَحريمِه القُرآنَ.

والأصْلُ في هذا البابِ أنَّ الشِّراءَ على ثَلاثةِ أنواعٍ:

أحَدُها: أنْ يَشتَريَ السِّلعةَ مَنْ يَقصِدُ الِانتِفاعَ بها، كالأكلِ والشُّربِ واللِّباسِ والرُّكوبِ والسُّكْنَى ونَحوِ ذلك؛ فهذا هو البَيعُ الذي أحَلَّه اللَّهُ .

والثَّاني: أنْ يَشتَريَها مَنْ يَقصِدُ أنْ يَتَّجِرَ فيها، إمَّا في ذلك البَلَدِ، وإمَّا في غيرِه، فهذه هي التِّجارةُ التي أباحَها اللَّهُ .

والثَّالثُ: ألَّا يَكونَ مَقصودُه هذا ولا هذا، بَلْ مَقصودُه دَراهِمُ لِحاجَتِه إليها، وقد تَعذَّرَ عليه أنْ يَستَسلِفَ قَرضًا أو سَلَمًا؛ فيَشتَريَ سِلعةً لِيَبيعَها ويَأخُذَ ثَمَنَها، فهذا هو التَّورُّقُ، وهو مَكروهٌ في أظهَرِ قَولَيِ العُلماءِ، وهذه إحدَى الرِّوايَتَيْنِ عن أحمدَ، كما قالَ عمرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ : التَّورُّقُ أُخَيَّةُ الرِّبا.

وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ : إذا استَقَمتَ بنَقدٍ ثم بِعتَ بنَقدٍ فلا بَأْسَ به، وإذا استَقَمتَ بنَقدٍ ثم بِعتَ بنَسيئةٍ فتلك دَراهِمُ بدَراهِمَ.

ومَعنَى كَلامِه: إذا استَقَمتَ: إذا قَوَّمتَ، يَعني: إذا قَوَّمتَ السِّلعةَ بنَقدٍ، وابتَعتَها إلى أجَلٍ، فإنَّما مَقصودُكَ دَراهِمُ بدَراهِمَ، هكذا التَّورُّقُ، يُقوِّمُ السِّلعةَ في الحالِ ثم يَشتَريها إلى أجَلٍ بأكثَرَ مِنْ ذلك، وقد يَقولُ لِصاحِبِه: أُريدُ أنْ تُعطيَني ألْفَ دِرهَمٍ، فكم تَربَحُ؟ فيَقولُ: أربَحُ مِئَتَيْنِ، أو نَحوَ ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>