غيرِ عادةٍ، وسَواءٌ أحدَثا هذا في أوَّلِ بَيعةٍ تَبايَعا بها، أو بعدَ مِئةِ بَيعةٍ، ليسَ لِلعادةِ التي اعتادَها مَعنًى يُحِلُّ شَيئًا، ولا يُحرِّمُه، وكذلك المَوعِدُ إنْ كانَ قبلَ العَقدِ، أو بعدَه، فإنَّ عَقدَ البَيعِ على مَوعِدٍ أنَّه إنْ وُضِعَ في البَيعِ وُضِعَ عنه، فالبَيعُ مَفسوخٌ؛ لأنَّ الثَّمنَ غيرُ مَعلومٍ، وليسَ تَفسُدُ البُيوعُ أبَدًا، ولا النِّكاحُ، ولا شَيءَ أبَدًا إلَّا بالعَقدِ؛ فإذا عَقدَ عَقدًا صَحيحًا لَم يُفسِدْه شَيءٌ تَقدَّمه، ولا تَأخَّرَ عنه، كما إذا عَقدَ عَقدًا فاسِدًا لَم يُصلِحْه شَيءٌ تَقدَّمَه، ولا تَأخَّرَ عنه إلَّا بتَجديدِ عَقدٍ صَحيحٍ … إلى آخِرِ كَلامِه ﵀(١).
وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ -قَدَّسَ اللَّهُ رَوحَه-: عن العِينةِ هل هي جائِزةٌ في دِينِ الإسلامِ أو لا؟ وهل يَجوزُ لِأحَدٍ أنْ يُقلَّدَ فيها بَعضُ مَنْ رَأى جَوازَها مِنْ الفُقهاءِ، أو يَجِبُ عليه أنْ يَحتاطَ لِدِينِه، ويَتَّبِعَ النُّصوصَ الوارِدةَ في ذلك؟ ومَن تابَ مِنْ مَسألةِ العِينةِ المَذكورةِ هل يَحِلُّ له ما رَبِحَه بطَريقِها أو يَجِبُ عليه إخراجُ الرِّبحِ ورَدُّه إلى أربابِه إنْ قدَر، أو التَّصدُّقُ بذلك؟ فإنْ عادَ إليها مُقلِّدًا بعدَ العِلمِ ببُطلانِها، هل يَجوزُ له ذلك أو لا؟ وكذلك ما تَقولونَ في مَسألةِ الثُّلاثيَّةِ، ومَسألةِ التَّورُّقِ؟
فأجابَ ﵀: الحَمدُ لِلَّهِ، أمَّا إذا كانَ قَصدُ الطَّالِبِ أخْذَ دَراهِمَ بأكثَرَ مِنها إلى أجَلٍ، والمُعطي يَقصِدُ إعطاءَه ذلك فهذا رِبًا، لا رَيبَ في تَحريمِه، وإنْ تَحَيَّلا على ذلك بأيِّ طَريقٍ كانَ؛ فإنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ
(١) «الأم» (٣/ ٣٨، ٤١)، ويُنظر: «الحاوي الكبير» (٥/ ٢٨٧، ٢٨٨)، و «نهاية المطلب» (٥/ ٣١١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٩)، و «شرح السنة» (٨/ ٧٢).