للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُناكَ لَم يَختَلِفْ، وإنَّما قامَ الوارِثُ مَقامَ المُشتَرِي، بدَليلِ أنَّه يُرَدُّ بالعَيبِ، ويُرَدُّ عليه … ولو باعَه المُشتَرِي مِنْ غيرِه فعادَ المَبيعُ إلى مِلكِه، فاشتَراه بأقَلَّ ممَّا باعَ، فهذا لا يَخلو مما يلي: إمَّا أنْ يَعودَ إليه بمِلْكٍ جَديدٍ، وإمَّا أنْ يَعودَ إليه على حُكمِ المِلْكِ الأوَّلِ؛ فإنْ عادَ إليه بمِلْكٍ جَديدٍ، كالشِّراءِ والهِبةِ والمِيراثِ والإقالةِ قبلَ القَبضِ وبعدَه، والرَّدِّ بالعَيبِ بعدَ القَبضِ بغيرِ قَضاءِ القاضي، ونَحوِ ذلك مِنْ أسبابِ تَجديدِ المِلْكِ جازَ الشِّراءُ مِنه بأقَلَّ ممَّا باعَ؛ لأنَّ اختِلافَ المِلْكِ بمَنزِلةِ اختِلافِ العَينِ.

وإنْ عادَ إليه على حُكمِ المِلْكِ الأوَّلِ كالرَّدِّ بخِيارِ الرُّؤيةِ، والرَّدِّ بخِيارِ الشَّرطِ قبلَ القَبضِ وبعدَه بقَضاءِ القاضي، وبغيرِ قَضاءِ القاضي، والرَّدِّ بخِيارِ العَيبِ قبلَ القَبضِ بقَضاءِ القاضي وبغيرِ قَضاءِ القاضي، وبعدَ القَبضِ بقَضاءِ القاضي لا يَجوزُ الشِّراءُ مِنه بأقَلَّ ممَّا باعَ؛ لأنَّ الرَّدَّ في هذه المَواضِعِ يَكونُ فَسخًا، والفَسخُ يَكونُ رَفعًا مِنْ الأصلِ، وإعادةً إلى قَديمِ المِلْكِ، كأنَّه لَم يَخرُجْ عن مِلكِه أصْلًا، ولو كانَ كذلك لَكانَ لا يَجوزُ له الشِّراءُ، فكذا هذا.

ولو لَم يَشتَرِه البائِعُ، لَكِنِ اشتَراه بَعضُ مَنْ لا تَجوزُ شَهادَتُه له، كالوالِدَيْنِ والمَولودِينَ والزَّوجِ والزَّوجةِ، لا يَجوزُ عندَ أبي حَنيفةَ ، كما لا يَجوزُ مِنْ البائِعِ، وعندَ أبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ يَجوزُ، كما يَجوزُ مِنْ الأجنَبيِّ.

وَجْهُ قَولِهما: أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهما أجنَبيٌّ عن مِلكِ صاحِبِه؛ لِانفِصالِ مِلْكِه عن مِلكِ صاحِبِه؛ فيقعُ عَقدُ كلِّ واحِدٍ مِنهما له، لا لِصاحِبِه، كسائِرِ الأجانِبِ، ثم شِراءُ الأجنَبيِّ لِنَفْسِه جائِزٌ، فكذا شِراؤُه لِصاحِبِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>