وقالَ الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ: وإنْ نقَص سِعرُها بتَغيُّرِ الأسعارِ لَم يَجُزْ بَيعُها بأقَلَّ مِنْ ثَمَنِها، كما لو كانَتْ بحالِها؛ لأنَّ تَغيُّرَ السِّعرِ غيرُ مُعتَبَرٍ في حَقِّ الأحكامِ؛ لأنَّه فُتورٌ في الرَّغَباتِ، لا فَواتُ جُزءٍ، كما في حَقِّ الغاصِبِ وغيرِه، فعادَ إليه كما خرَج عن مِلْكِه، فظهَر الرِّبحُ.
= أبو حَنيفةَ وأصحابُه يَذهبونَ في ذلك نحوَ مَذهبِ مالِكٍ وهو قولُ الثَّوريِّ والحسنِ بنِ صالحٍ وأحمدَ بنِ حنبلٍ والأوزاعِيِّ، قالوا فيمَن اشترَى جاريةً بألفِ درهمٍ فقبَضها ثم باعَها مِنْ البائعِ بأقلَّ مِنْ الألفِ قبلَ أن ينقُدَ الثَّمنَ إن البيعَ الثَّاني باطلٌ. وقال الحسَنُ بنُ حيٍّ فيمَن باعَ بيعًا بنَسيئةٍ لَم يجُزْ للبائعِ أن يَشترِيَه بنقدٍ قبلَ قبضِ الثَّمنِ ولا بعرضٍ إلا أن يَكونَ العَرضُ قِيمةَ الثَّمنِ أو أكثرَ من ذلك ولا يَشترِيه بعَرضٍ قيمتُه أقلُّ مِنْ الثَّمنِ حتى يَستوفِيَ الثَّمنَ كلَّه. قال: وإن نقَصت السِّلعةُ بيد المُشترِي فلا بأسَ أن يَشترِيَها البائعُ بأقلَّ مِنْ ذلك الثَّمنِ سَواءٌ كان نُقصانُ العَيبِ لها قَليلًا أو كَثيرًا. وقال الأوزاعِيُّ في رَجلٍ باعَ خادمًا إلى سنةٍ ثم جاءَ الأجلُ به يأخذُه منه بقيمَته يومَ قبضِه ولا يَشترِيه بدونِ الثَّمنِ قبلَ محلِّ الأجلِ إلا بالثَّمنِ أو أكثرَ. وقال أحمدُ: من باعَ سِلعةً بنَسيئةٍ لم يجُزْ لأحدٍ أن يَشترِيَها بأقلَّ ممَّا باعَها به.