للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الكاسانيُّ : ولو اشتَرَى ما باعَ بمِثلِ ما باعَ قبلَ نَقدِ الثَّمنِ جازَ بالإجماعِ؛ لِانعِدامِ الشُّبهةِ، وكذا لو اشتَراه بأكثَرَ ممَّا باعَ قبلَ نَقدِ الثَّمنِ، ولأنَّ فَسادَ العَقدِ مَعدولٌ به عن القِياسِ، وإنَّما عَرَفْناه بالأثَرِ، والأثَرُ جاءَ في الشِّراءِ بأقَلَّ مِنْ الثَّمنِ الأوَّلِ؛ فبَقيَ ما وَراءَه على أصْلِ القِياسِ (١).

٤ - أنْ تَكونَ السِّلعةُ بحالِها، لَم تَنقُصْ عن حالةِ البَيعِ؛ فإنْ نَقَصتْ أو تَعيَّبَتْ، مثلَ أنْ هَزُلَ العَبدُ، أو نَسيَ صِناعةً، أو تَخرَّقَ الثَّوبُ أو بَلِيَ، جازَ له شِراؤُها بما شاءَ عندَ الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ، وهو رِوايةُ ابنِ القاسِمِ عن مالِكٍ؛ لأنَّ نُقصانَ الثَّمنِ يَكونُ بمُقابَلةِ نُقصانِ العَيبِ؛ فيَلتحِقُ النُّقصانُ بالعَدَمِ، كأنَّه باعَه بمِثلِ ما اشتَراه؛ فلا تَتحقَّقُ شُبهةُ الرِّبا؛ لأنَّ نَقصَ الثَّمنِ لِنقْصِ المَبيعِ، لا لِلتَّوسُّلِ إلى الرِّبا.

ولِأشهَبَ عن مالِكٍ أنَّ ذلك لا يَجوزُ، وهذا ممَّا لا يُؤمَنُ النَّاسُ على مِثلِه، وقالَ سَحنونٌ: هذه خَيرٌ مِنْ رِوايةِ ابنِ القاسِمِ.

قال ابنُ عَبدِ البَرِّ : هذا يَدلُّكَ على أنَّهم إنَّما كَرِهوه لِلتُّهَمِ، وليسَ كلُّ النَّاسِ يُتَّهَمُ في مِثلِ ذلك؛ فلا يَنبَغي أنْ يُظَنَّ بالمُسلِمِ الطَّاهِرِ إلَّا الصَّلاحُ والخَيرُ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ١٩٩).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ٢٧٣)، وقال في «الاستذكار» (٦/ ٢٧٠، ٢٧١): قال ابنُ عبدِ البَرِّ: قال مَالِكٌ في الرَّجلِ يَبيعُ مِنْ الرَّجلِ الجاريةَ بمِائةِ دِينارٍ إلى أجلٍ ثم يَشترِيها بأكثرَ من ذلك الثَّمنِ الذي باعها به إلى أبعدَ مِنْ ذلك الأجلِ الذي باعَها إليه إنَّ ذلك لا يَصلحُّ. وتفسيرُ ما كُرِه من ذلك أن يَبيعَ الرَّجلُ الجاريةَ إلى أجلٍ ثم يَبتاعُها إلى أجلٍ أبعدَ منه =

<<  <  ج: ص:  >  >>