للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اشتَراها بعَشَرةِ دَنانيرَ، فقالَ أصحابُنا: يَجوزُ؛ لأنَّهما جِنسانِ لا يَحرُمُ التَّفاضُلُ بينَهما، فجازَ، كما لو اشتَراها بعَرضٍ أو بمِثلِ الثَّمنِ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: لا يَجوزُ؛ استِحسانًا؛ لأنَّهما كالشَّيءِ الواحِدِ في مَعنَى الثَّمنيَّةِ؛ ولأنَّ ذلك يُتَّخَذُ وَسيلةً إلى الرِّبا، فأشبَهَ ما لو باعَها بجِنسِ الثَّمنِ الأوَّلِ، وهذا أصَحُّ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى (١).

وقالَ الكاسانيُّ : هذا إذا اشتَراه بجِنسِ الثَّمنِ الأوَّلِ، فإنِ اشتَراه بخِلافِ الجِنسِ جازَ؛ لأنَّ الرِّبا لا يَتحقَّقُ عندَ اختِلافِ الجِنسِ إلَّا في الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ خاصَّةً؛ استِحسانًا، والقياسُ ألَّا يَجوزَ؛ لأنَّهما جِنسانِ مُختلِفانِ حَقيقةً، فالتَحَقا بسائِرِ الأجناسِ المُختلِفةِ.

وَجْهُ الِاستِحسانِ: أنَّهما في الثَّمنيَّةِ كجِنسٍ واحِدٍ، فيَتحقَّقُ الرِّبا بمَجموعِ العَقدَيْنِ، فكانَ في العَقدِ الثَّاني شُبهةُ الرِّبا، وهي الرِّبا مِنْ وَجْهٍ (٢).

٣ - أنْ يَكونَ البائِعُ اشتَراه بأقلَّ مِنْ الثَّمنِ الأوَّلِ الذي باعَها به؛ فلو اشتَرَى ما باعَ بمِثْلِ ما باعَ أو اشتَراه بأكثَرَ ممَّا باعَ جازَ عندَ الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ -وهو ما يُفهَمُ مِنْ كلامِ المالِكيَّةِ-؛ لأنَّه لا يَكونُ ذَريعةً، ولأنَّ فَسادَ العَقدِ مَعدولٌ به عن القياسِ، وإنَّما عَرَفناه بالأثَرِ، والأثَرُ جاءَ في الشِّراءِ بأقَلَّ مِنْ الثَّمنِ الأوَّلِ؛ فبَقيَ ما وَراءَه على أصْلِ القِياسِ.


(١) «المغني» (٤/ ١٢٧)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ١٩٩).
(٢) «بدائع الصنائع» (٥/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>