الثَّمنِ، أو تُساوي أقَلَّ جُزءٍ مِنْ أجزائِه لَم يُبالوا بجَعلِها مَورِدًا لِلعَقدِ؛ لأنَّهم لا غَرَضَ لَهم فيها، وأهلُ العُرفِ لا يُكابِرونَ أنْفُسَهم في هذا.
وأمَّا النِّيَّةُ والقَصدُ: فالأجنَبيُّ المُشاهِدُ لَهما يَقطَعُ بأنَّه لا غَرَضَ لَهما في السِّلعةِ، وإنَّما القَصدُ الأوَّلُ مِئةٌ بمِئةٍ وعِشرينَ؛ فَضلًا على عِلمِ المُتعاقدَيْنِ ونِيَّتِهما، ولِهذا يَتواطأُ كَثيرٌ مِنهم على ذلك قبلَ العَقدِ، ثم يُحضِرانِ تلك السِّلعةَ، مُحَلِّلينَ لِمَا حرَّم اللَّهُ ﷾ ورَسولُه ﷺ.
فإنَّ اللَّهَ سُبحانَه مَسَخَ اليَهودَ قِرَدةً وخَنازيرَ، لمَّا تَوَسَّلوا إلى الصَّيدِ الحَرامِ بالوَسيلةِ التي ظَنُّوها مُباحةً، وسَمَّى أصحابُ رَسولِ اللَّهِ ﷺ والتَّابِعونَ مثلَ ذلك مُخادَعةً، كما تَقدَّمَ.
وقالَ أيُّوبُ السَّختيانيُّ: يُخادِعونَ اللَّهَ ﷾ كما يُخادِعونَ الصِّبيانَ، لو أتَوُا الأمْرَ على وَجهِه كانَ أسهَلَ.
والرُّجوعُ إلى الصَّحابةِ في مَعاني الألفاظِ مُتعَيَّنٌ، سَواءٌ كانَتْ لُغَويَّةً، أو شَرعيَّةً، والخِداعُ حَرامٌ.
وأيضًا: فإنَّ هذا العَقدَ يَتضمَّنُ إظهارَ صُورةٍ مُباحةٍ، وإضمارَ ما هو مِنْ أكبَرِ الكَبائِرِ؛ فلا تَنقلِبُ الكَبيرةُ مُباحةً بإخراجِها في صُورةِ البَيعِ الذي لَم يُقصَدْ نَقلُ المِلْكِ فيه أصْلًا، وإنَّما قَصدُه حَقيقةُ الرِّبا.
وأيضًا: فإنَّ الطَّريقَ مَتَى أفضَتْ إلى الحَرامِ؛ فإنَّ الشَّريعةَ لا تَأتي