فأمَّا النَّقلُ: فبِما ثبَت عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه سُئلَ عن رَجُلٍ باعَ مِنْ رَجُلٍ حَريرةً بمِئةٍ، ثم اشتَراها بخَمسينَ؛ فقالَ: دَراهِمُ بدَراهِمَ مُتَفاضِلةٌ، دَخَلتْ بينَها حَريرةٌ.
وفي كِتابِ مُحمَّدِ بنِ عَبدِ اللَّهِ الحافِظِ عن ابنِ عَبَّاسٍ ﵁ أنَّه قالَ: اتَّقُوا هذه العِينةَ، لا تَبيعوا دَراهِمَ بدَراهِمَ بينَهما حَريرةٌ.
وفي كِتابِ أبي مُحمَّدٍ الحافِظِ عن ابنِ عَبَّاسٍ ﵁ أنَّه سُئلَ عن العِينةِ، يَعني بَيعَ الحَريرةِ؟ فقالَ ﵁: إنَّ اللَّهَ لا يُخدَعُ، هذا ممَّا حرَّم اللَّهُ ورَسولُه.
وفي كِتابِ الحافِظِ مَعينٍ، عن أنَسٍ ﵁ أنَّه سُئلَ عن العِينةِ -يَعني بَيعَ الحَريرةِ- فقالَ: إنَّ اللَّهَ لا يُخدَعُ، هذا ممَّا حرَّم اللَّهُ ورَسولُه.
وقَولُ الصَّحابيِّ:«حرَّم رَسولُ اللَّهِ كذا، أو أمَرَ بكذا، وقَضى بكذا، وأوجَبَ كذا»، في حُكمِ المَرفوعِ، اتِّفاقًا عندَ أهلِ العِلمِ، إلَّا خِلافًا شاذًّا لا يُعتَدُّ به ولا يُؤبَهُ له.
وأمَّا شَهادةُ العُرفِ بذلك: فأظهَرُ مِنْ أنْ تَحتاجَ إلى تَقريرٍ، بَلْ قد عَلِمَ اللَّهُ ﷾ وعِبادُه مِنْ المُتبايِعَيْنِ ذلك، قَصدَهما أنَّهما لَم يَعقِدا على السِّلعةِ عَقدًا يَقصِدانِ به تَمَلُّكها، ولا غَرَضَ لَهما فيها بحالٍ، وإنَّما الغَرَضُ والمَقصودُ بالقَصدِ الأوَّلِ مِئةٌ بمِئةٍ وعِشرينَ، وإدخالُ تلك السِّلعةِ في الوَسَطِ تَلبيسٌ وعَبَثٌ، وهي بمَنزِلةِ الحَرفِ الذي لا مَعنَى له في نَفْسِه، بَلْ جيءَ به لِمَعنًى في غيرِه، حتى لو كانَتْ تلك السِّلعةُ تُساوي أضعافَ ذلك