فقالَ الحَنفيَّةُ: وهو مَكروهٌ تَحريمًا، إذا كانَ أهلُ البَلَدِ في قَحطٍ وعَوَزٍ، أي: في حاجةٍ، وهو أنْ يَبيعَ مِنْ أهلِ البَلَدِ طَمَعًا في الثَّمنِ الغالي؛ لِمَا فيه مِنْ الإضرارِ بهم، أمَّا إذا لَم يَكُنْ كذلك فلا بَأْسَ به؛ لِانعِدامِ الضَّرَرِ.
وقيلَ: هو أنْ يَمنَعَ السِّمسارُ الحاضِرُ القَرَويَّ مِنْ البَيعِ، ويَقولَ له: لا تَبِعْ أنتَ، أنا أعلَمُ بذلك مِنْكَ. فيَتوكَّلُ له ويَبيعُ ويُغالي، ولو ترَكه يَبيعُ بنَفْسِه لَأرخَصَ على النَّاسِ.
وقالَ المالِكيَّةُ: يَحرُمُ بَيعُ حاضِرٍ سِلَعًا، ولو لِتِجارةٍ لِعَموديٍّ قَدِمَ بها الحاضِرةَ، ولا يُعرَفُ ثَمَنُها بالحاضِرةِ، وكانَ البَيعُ لِحاضِرٍ، فلا يَجوزُ؛ لِلنَّهيِ عن ذلك بخِلافِ ما لو باعَ الحاضِرُ لِبَدَويٍّ مِثلِه؛ فإنَّه يَجوزُ؛ لأنَّ البَدَويَّ لا يَجهَلُ أسعارَ هذه السِّلَعِ؛ فلا يَأخُذُها إلَّا بأسعارِها، سَواءٌ اشتَراها مِنْ حَضَريٍّ أو مِنْ بَدَويٍّ، فبَيعُ الحَضَريِّ له بمَنزِلةِ بَيعِ بَدَويٍّ لِبَدَويٍّ، أو كانَ العَموديُّ يَعرِفُ ثَمَنَها، فيَجوزُ لِلحاضِرِ أنْ يَتوَلَّى بَيعَها له؛ وذلك لأنَّ النَّهيَ لِأجْلِ أنْ يَبيعوا لِلنَّاسِ برُخصٍ، وهذه العِلَّةُ إنَّما تُوجَدُ إذا