للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَمَّادِ بنِ أبي سُلَيمانَ أنَّ كُلَّ ما بِيعَ على الكَيلِ والوَزنِ لا يَجوزُ بَيعُه قبلَ قَبضِه، وما ليسَ بمَكيلٍ ولا مَوزونٍ يَجوزُ بَيعُه قبلَ قَبضِه.

وقالَ القاضي وأصحابُه: المُرادُ بالمَكيلِ والمَوزونِ والمَعدودِ ما ليسَ بمُتعيَّنٍ مِنه، كالقَفيزِ مِنْ صُبرةٍ، والرِّطْلِ مِنْ زُبرةٍ، ومَكيلةِ زَيتٍ مِنْ دَنٍّ؛ فأمَّا المُتعيَّنُ فيَدخُلُ في ضَمانِ المُشتَرِي، كالصُّبرةِ يَبيعُها مِنْ غيرِ تَسميةِ كَيلٍ، وقد نُقِلَ عن أحمدَ ما يَدلُّ على قَولِهم؛ فإنَّه قالَ في رِوايةِ أبي الحارِثِ في رَجُلٍ اشتَرَى طَعامًا فطَلَبَ مَنْ يَحمِلُه، فرجَع وقد احتَرَقَ الطَّعامُ، فهو مِنْ مالِ المُشتَرِي، واستَدلَّ بحَديثِ ابنِ عمرَ : ما أدرَكَتِ الصَّفقةُ حَيًّا مَجموعًا فهو مِنْ مالِ المُشتَرِي، وذكَر الجوزَجانيُّ عنه فيمَنِ اشتَرَى ما في السَّفينةِ صُبرةً، ولَم يُسَمِّ كَيلًا، فلا بَأْسَ أنْ يُشرِكَ فيها ويَبيعَ ما شاءَ، إلَّا أنْ يَكونَ بينَهما كَيلٌ، فلا يُولِّي حتى يُكالَ عليه، ونَحوَ هذا قالَ مالِكٌ؛ فإنَّه قالَ: ما بِيعَ مِنْ الطَّعامِ مُكايَلةً أو مُوازَنةً لَم يَجُزْ بَيعُه قبلَ قَبضِه، وما بِيعَ مُجازَفةً أو بِيعَ مِنْ غيرِ الطَّعامِ مُكايَلةً أو مُوازَنةً جازَ بَيعُه قبلَ قَبضِه.

ووَجْهُ ذلك: ما رَوى الأوزاعيُّ عن الزُّهريِّ عن حَمزةَ بنِ عَبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ أنَّه سَمِعَ عَبدَ اللَّهِ بنَ عمرَ يَقولُ: مَضَتِ السُّنةُ أنَّ ما أدرَكَتْه الصَّفقةُ حَيًّا مَجموعًا فهو مِنْ مالِ المُبتاعِ، رَواه البُخاريُّ عنِ ابنِ عمرَ مِنْ قَولِه، تَعليقًا، وقَولُ الصَّحابيِّ: مَضَتِ السُّنةُ، يَقتَضي سُنَّةَ النَّبيِّ ، ولأنَّ المَبيعَ المُعيَّنَ لا يَتعلَّقُ به حَقُّ تَوفِيَتِه، فكانَ مِنْ مالِ المُشتَرِي، كغيرِ المَكيلِ والمَوزونِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>