للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونُقِلَ عن أحمدَ أنَّ المَطعومَ لا يَجوزُ بَيعُه قبلَ قَبضِه، سَواءٌ كانَ مَكيلًا أو مَوزونًا أو لَم يَكُنْ، وهذا يَقتَضي أنَّ الطَّعامَ خاصَّةً لا يَدخُلُ في ضَمانِ المُشتَرِي حتى يَقبِضَه؛ فإنَّ التِّرمِذيَّ رَوى عن أحمدَ أنَّه أرخَصَ في بَيعِ ما لا يُكالُ ولا يُوزَنُ ممَّا لا يُؤكَلُ ولا يُشرَبُ قبلَ قَبضِه.

وقالَ الأثرَمُ: سَألتُ أبا عَبدِ اللَّهِ عن قَولِه: «نهَى عن رِبحِ ما لَم يُضمَنْ»، قالَ: هذا في الطَّعامِ وما أشبَهَه مِنْ مَأكولٍ أو مَشروبٍ، فلا يَبيعُه حتى يَقبِضَه.

قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : الأصَحُّ عن أحمدَ بنِ حَنبَلٍ أنَّ الذي يُمنَعُ مِنْ بَيعِه قبلَ قَبضِه هو الطَّعامُ، وذلك لأنَّ النَّبيَّ نهَى عن بَيعِ الطَّعامِ قبلَ قَبضِه؛ فمَفهومُه إباحةُ بَيعِ ما سِواه قبلَ قَبضِه، ورَوى ابنُ عمرَ قالَ: رَأيتُ الذين يَشتَرونَ الطَّعامَ مُجازَفةً يُضرِبونَ على عَهدِ رَسولِ اللَّهِ أنْ يَبيعوه حتى يُؤووه إلى رِحالِهم، وهذا نَصٌّ في بَيعِ المُعيَّنِ، وعُمومُ قَولِه : «مَنِ ابتاعَ طَعامًا فلا يَبِعْه حتى يَستَوفيَه» مُتَّفقٌ عليه.

ولِمُسلِمٍ عن ابنِ عمرَ قالَ: كُنا نَشتَري الطَّعامَ مِنْ الرُّكبانِ جُزافًا، فنَهانا رَسولُ اللَّهِ أنْ نَبيعَه حتى نَنقُلَه مِنْ مَكانِه.

وقالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ مَنْ اشتَرَى طَعامًا فليسَ له أنْ يَبيعَه حتى يَستَوفيَه.

ولو دخَل في ضَمانِ المُشتَرِي جازَ له بَيعُه والتَّصرُّفُ فيه، كما بعدَ القَبضِ، وهذا يَدلُّ على تَعميمِ المَنعِ في كلِّ طَعامٍ، مع تَنصيصِه على المَبيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>