للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِنَفْسي لَقِيَني رَجُلٌ، فأعطاني به رِبحًا حَسَنًا، فأرَدتُ أنْ أضرِبَ على يَدِه، فأخَذ رَجُلٌ مِنْ خَلفي بذِراعي، فالتَفَتُّ فإذا زَيدُ بنُ ثابِتٍ ، فقالَ: لا تَبِعْه حيثُ ابتَعتَه حتى تَحوزَه إلى رَحلِكَ؛ فإنَّ رَسولَ اللَّهِ نهَى أنْ تُباعَ السِّلَعُ حيثُ تُبتاعُ حتى يَحوزَها التُّجَّارُ إلى رِحالِهم (١).

وعن ابنِ عمرَ قالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ يَنهَى أنْ تُباعَ السِّلَعُ حيثُ تُشتَرَى حتى يَحوزَها الذي اشتَراها إلى رَحلِه، وإنْ كانَ لِيَبعَثُ رِجالًا فيَضرِبونَنا على ذلك (٢).

فهذه الأحاديثُ تَشمَلُ الطَّعامَ وغيرَه، وقد ورَد النَّهيُ عن بَيعِها قبلَ قَبضِها.

ولأنَّ فيه غَرَرَ انفِساخِ العَقدِ الأوَّلِ على اعتِبارِ هَلاكِ المَبيعِ قبلَ القَبضِ، فيَتبيَّنُ حينَئذٍ أنَّه باعَ مِلكَ الغيرِ بغيرِ إذْنِه، وذلك مُفسِدٌ لِلعَقدِ، وفي الصِّحاحِ أنَّه نهَى عن بَيعِ الغَرَرِ، والغَرَرُ ما طُوِيَ عَنْكَ عِلمُه.

ولِأبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ في جَوازِ بَيعِ العَقارِ أنَّ رُكنَ البَيعِ صدَر مِنْ


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٤٩٩)، والدارقطني (٣/ ١٣)، والحاكم في «المستدرك» (٢٢٧١)، وقال ابنُ القيِّمِ في «إعلام الموقعين» (٣/ ١٤٩): نهَى أن تُباعَ السِّلعُ حيثُ تُباعُ حتى تُنقلَ عن مَكانِها وما ذاكَ إلا أنَّه ذَريعةٌ إلى جَحدِ البائعِ البيعَ وعَدمُ إتمامِه إذا رأى المُشترِيَ قد ربِح فيها فيغُرُّه الطَّمعُ وتشحُّ نفسُه بالتَّسليمِ كما هو الواقِعُ، وأكدَّ هذا المَعنى بالنَّهيِ عن رِبحِ مَا لَم يضمَنْ، وهذا من مَحاسنِ الشَّريعةِ وألطفُ بابٍ لسدِّ الذَّرائعِ.
(٢) رواه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٨/ ١٨٨)، والحاكم في «المستدرك» (٢٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>