قالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ ﵀: واختَلَفوا أيضًا فيما إذا اشتَرَى الثَّمرةَ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها بشَرطِ القَطعِ، فلَم يَقطَعْها حتى بَدا صَلاحُها، وأتَى عليها أوانُ جِذاذِها.
فقالَ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعيُّ: العَقدُ صَحيحٌ، لا يَبطُلُ، والثَّمرةُ بزيادَتِها لِلمُشتَرِي، ويُلزِمُه البائِعُ القَطعَ، وقالَ الشافِعيَّةُ: فإنْ تَراضَيا على إبقائِه جازَ.
وعَن أحمدَ رِوايَتانِ، إحداهُما: يَبطُلُ البَيعُ، وتَكونُ الثَّمرةُ وزِيادَتُها لِلبائِعِ، ويُرَدُّ الثَّمنُ على المُشتَرِي، والرِّوايةُ الأُخرَى: العَقدُ صَحيحٌ لا يَبطُلُ، ثم ماذا يَصنَعُ بالزِّيادةِ؟ على رِوايَتَينِ، إحداهُما: يَشتَرِكانِ فيها، والأُخرَى: يَتصدَّقانِ بها.
وبُدُوُّ الصَّلاحِ في الثَّمرِ هو احمِرارُه أو اصفِرارُه، وهو وَقتٌ لِلأمْنِ مِنْ العاهاتِ عليها في الأغلَبِ، وذلك إذا بَدا طِيبُها ونُضجُها، وكذلك سائِرُ الثِّمارِ إذا طابَ ما يُؤكَلُ مِنها الطَّيِّبُ المَعهودُ في التِّينِ والعِنَبِ وسائِرِ الثِّمارِ، جازَ بَيعُها على التَّركِ في شَجَرِها حتى يَنقَضيَ أوانُها بطِيبِ جَميعِها.
واختَلَفوا فيما إذا بَدا الصَّلاحُ في شَجَرةٍ، فقالَ الشافِعيُّ وأحمدُ: هو صَلاحٌ لِبَقيَّةِ ذلك النَّوعِ في القِراحِ الذي فيه تلك الشَّجَرةُ.
وقالَ مالِكٌ: إذا بَدا الصَّلاحُ في نَخلةٍ جازَ بَيعُ ذلك القِراحِ وما جاوَرَه، إذا كانَ الصَّلاحُ المَعهودُ -لا المُنكَرُ- في غيرِ وَقتِه، وعن أحمدَ نَحوُه.