وقالَ الشافِعيَّةُ: بَيعَتانِ في بَيعةٍ؛ فيه تَأويلانِ:
أحَدُهما: أنْ يَقولَ: بِعتُكَ هذا بألْفٍ، على أنْ تَبيعَني دارَكَ بكذا، أو تَشتَريَ مِنِّي داري بكَذا، وهو باطِلٌ لِلتَّعليقِ على الشَّرطِ في هذه الصُّورةِ؛ لأنَّه شَرطٌ لا يَلزَمُ، ويَتفاوَتُ بعَدَمِه مَقصودُ العَقدِ.
والآخَرُ: أنْ يَقولَ: بِعتُكَه بألْفٍ نَقدًا، أو بألفَيْنِ نَسيئةً (تَقسيطًا)؛ فخُذْه بأيِّهما شِئتَ، أو شِئتُ أنا؛ فيَقبَلَ المُشتَري البَيعَ بالنَّقدِ أو بالتَّقسيطِ، فباطِلٌ أيضًا؛ لِلجَهلِ بالثَّمنِ.
أمَّا لو قالَ: بِعتُكَ بألْفٍ نَقدًا، وبِألفَيْنِ نَسيئةً، أو قالَ: بِعتُكَ نِصفَه بألْفٍ، ونِصفَه بألفَيْنِ؛ فيَصحُّ العَقدُ (١).
وقالَ الحَنابِلةُ: بَيعَتانِ في بَيعةٍ تَكونُ مثلَ أنْ يَقولَ: بِعتُكَ داري هذه على أنْ أبيعَكَ داري الأُخرَى بكَذا، أو على أنْ تَبيعَني دارَكَ أو على أنْ أُؤجِّرَكَ أو على أنْ تُؤجِّرَني كذا، أو على أنْ تُزوِّجَني ابنَتَكَ، أو على أنْ أُزوِّجَكَ ابنَتي، ونَحوِ هذا؛ فهذا كُلُّه لا يَصحُّ.
وكذا إنْ باعَه بعَشَرةٍ نَقدًا، أو بخَمسَةَ عشَرَ نَسيئةً، أو بعَشَرةٍ صِحاحًا، أو بعِشرينَ مُكسَّرةً، لَم يَصحَّ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ نهَى عن بَيعَتَيْنِ في بَيعةٍ، وهو هذا، ولأنَّه لَم يَجزِمْ له ببَيعٍ واحِدٍ، أشبَهَ ما لو قالَ: بِعتُكَ أحَدَ هَذيْنِ،
(١) «المهذب» (١/ ٢٦٧)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦١)، و «منهاج الطالبين» (١/ ٤٦)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤٦٣)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٥١٧)، و «الديباج» (٢/ ٤٢)، و «حاشية البجيرمي» (٢/ ٢٧٦).