للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ في «المُدوَّنةِ»: لا يَجوزُ بَيعُ سِلعةٍ على أنَّها بالنَّقدِ بدِينارٍ، أو إلى شَهرٍ بدِينارَيْنِ، وكذلك على أنَّها إلى شَهرٍ بدِينارٍ، أو إلى شَهرَيْنِ بدِينارَيْنِ، على الإلزامِ لَهما أو لِأحَدِهما، وليسَ لِلمُبتاعِ تَعجيلُ النَّقدِ؛ لِإجازةِ البَيعِ؛ لأنَّه عَقدٌ فاسِدٌ، وإنْ كانَ على غيرِ الإلزامِ جازَ.

ومِثلُ ذلك ما إذا باعَ واحِدةً مِنْ سِلعَتَيْنِ مُختلِفَتَيْنِ في الجِنسِ أو الوَصفِ.

مِثالُ مُختَلِفي الجِنسِ: أنْ يَقولَ: بِعتُكَ أحَدَ هَذيْنِ الأمرَيْنِ «الثَّوبَ أو الدابَّةَ» بعِشرينَ، ثم يَختارَ المُشتَري مِنهما بعدَ تَمامِ البَيعِ ما يُحِبُّ، وهذا البَيعُ فاسِدٌ بدُونِ شَرطِ الخِيارِ، أمَّا إذا شرَط الخِيارَ فإنَّه يَصحُّ.

ومِثالُ مُختَلِفي الوَصفِ: أنْ يَبيعَه واحِدًا غيرَ مُعيَّنٍ مِنْ رِداءٍ وكِساءٍ؛ فإنَّه لا يَصحُّ؛ لأنَّ المَبيعَ في الأمرَيْنِ غيرُ مُعيَّنٍ، ولا يَصحُّ بَيعُ المَجهولِ، وإذا اشتَراه بثَمَنِ مُختلِفٍ كانَ الفَسادُ أظهَرَ؛ لأنَّ الجَهالةَ تَكونُ في المَبيعِ وفي الثَّمنِ.

أمَّا إذا كانا مُختلِفَيْنِ جَودةً ورَداءةً فَقط، كما إذا باعَه إحدَى صُبرَتَيْنِ مِنْ قَمحٍ، إحداهما جَيِّدةٌ والأُخرَى رَديئةٌ، بثَمَنٍ واحِدٍ، على أنْ يَختارَ مِنهما ما يُعجِبُه، فإنَّه يَصحُّ؛ لأنَّ المُعتادَ في مِثلِ ذلك شِراءُ الجَيِّدِ، لا الرَّديءِ (١).


(١) «الكافي» (١/ ٣٦٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٩٢، ٩٣)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٩٥)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٢٢٢)، و «شرح الزرقاني» (٣/ ٣٩٥، ٣٩٧)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٥٣٩، ٥٤٠)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٣٧٦، ٣٧٨)، و «مواهب الجليل» (٦/ ١٩٣)، و «منح الجليل» (٥/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>