الشارِعِ، ومِنها بَيعُ عَسبِ الفَحلِ، ويُحمَلُ النَّهيُ فيه على استِئجارِ الفَحلِ على لِقاحِ الأُنثَى، وهو فاسِدٌ؛ لأنَّه غيرُ مَقدورٍ على تَسليمِه؛ فأمَّا أنْ يَستَأجِرَه على أنْ يَنزُوَ عليه دُفعاتٍ مَعلومةً فذلك جائِزٌ؛ إذ هو أمَدٌ مَعلومٌ في نَفْسِه، ومَقدورٌ على تَسليمِه.
والصَّحيحُ تَحريمُه مُطلَقًا، وفَسادُ العَقدِ به على كلِّ حالٍ، ويَحرُمُ على الآخَرِ أخْذُ أُجرةِ ضِرابِه، ولا يَحرُمُ على المُعطي؛ لأنَّه بَذَلَ مالَه في تَحصيلِ مُباحٍ يَحتاجُ إليه، ولا يُمنَعُ مِنْ هذا، كما في كَسبِ الحَجَّامِ وأُجرةِ الكَسَّاحِ.
والنَّبيُّ ﷺ نهَى عَمَّا يَعتادونَه مِنْ استِئجارِ الفَحلِ لِلضِّرابِ، وسَمَّى ذلك بَيعَ عَسبِه؛ فلا يَجوزُ حَملُ كَلامِه على غيرِ الواقِعِ والمُعتادِ، وإخلاءُ الواقِعِ مِنْ البَيانِ، مع أنَّه الذي قُصِدَ بالنَّهيِ، ومِنَ المَعلومِ أنَّه ليسَ لِلمُستأجِرِ غَرَضٌ صَحيحٌ في نَزْوِ الفَحلِ على الأُنثَى الذي له دُفعاتٌ مَعلومةٌ، وإنَّما غَرَضُه نَتيجةُ ذلك وثَمرَتُه، ولِأجلِه بَذَلَ مالَه.
وقد عُلِّلَ التَّحريمُ بعِدَّةِ عِلَلٍ:
إحداها: أنَّه لا يُقدَرُ على تَسليمِ المَعقودِ عليه، فأشبَهَ إجارةَ الآبِقِ؛ فإنَّ ذلك مُتعلِّقٌ باختِيارِ الفَحلِ وشَهوَتِه.
الثَّانيةُ: أنَّ المَقصودَ هو الماءُ، وهو ممَّا لا يَجوزُ إفرادُه بالعَقدِ؛ فإنَّه مَجهولُ القَدْرِ والعَينِ، وهذا بخِلافِ إجارةِ الظِّئرِ؛ فإنَّها احتَمَلتْ مَصلَحةَ الآدَميِّ، فلا يُقاسُ عليها غيرُها.
وقد يُقالُ -واللَّهُ ﷾ أعلَمُ-: إنَّ النَّهيَ عن ذلك مِنْ مَحاسِنِ