كانَ لا يَضُرُّه فلا قِيمةَ له؛ فإنَّ النَّبيَّ ﷺ نهَى عن عَسبِ الفَحلِ (١).
القَولُ الثَّاني: وهو قَولُ المالِكيَّةِ وابنِ عَقيلٍ مِنْ الحَنابِلةِ أنَّه يَجوزُ استِئجارُ الفَحلِ لِذلك، إذا كانَ على دُفعاتٍ مَعلومةٍ؛ لأنَّه عَقدٌ على مَنافِعِ الفَحلِ ونَزْوِه على الأُنثَى، وهي مَنفَعةٌ مَقصودةٌ، وماءُ الفَحلِ يَدخُلُ تَبَعًا، والأغلَبُ حُصولُه عُقَيبَ نَزْوِه، فيَكونُ كالعَقدِ على الظِّئرِ؛ لِيَحصُلَ اللَّبَنُ في بَطنِ الصَّبيِّ، وكما لوِ استَأجَرَ أرضًا وفيها بِئرُ ماءٍ، فإنَّ الماءَ يَدخُلُ تَبَعًا، وقد يُغتفَرُ في الأتباعِ ما لا يُغتفَرُ في المَتبوعاتِ.
والنَّهيُ الوارِدُ مَحمولٌ على التَّنزيهِ والحَثِّ على مَكارِمِ الأخلاقِ، وليسَ مِنْ مَكارِمِ الأخلاقِ أنْ يُؤخَذَ على ذلك أجْرٌ؛ فإنْ فعَل لَم تُفسَخِ الإجارةُ، وإنْ أخَذها لَم تُرَدَّ منه.
قالَ الإمامُ القَرافيُّ ﵀: تَجوزُ إجارةُ الفَحلِ لِلإنزاءِ أكوامًا مَعروفةً أو شَهرًا بكَذا؛ لأنَّها مَنفَعةٌ مَقصودةٌ مَضبوطةٌ، وتُمتنَعُ على نَزْوِه حتى يَكِلَّ الإنزاءَ؛ لِلغَرَرِ، ومنَعه الأئِمَّةُ مُطلَقًا؛ لِنَهيِه ﷺ عن عَسبِ الفَحلِ،
(١) «مجموع الفتاوى» (٣٠/ ٣٢٠)، ويُنظر: «العناية شرح الهداية» (١٢/ ٣٩٢)، و «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٤/ ١٠٢)، و «الإفصاح» (١/ ٣٩٥، ٣٩٦)، و «الحاوي الكبير» (٥/ ٣٢٤، ٣٢٥)، و «شرح السنة» (٨/ ١٣٨)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٤/ ١٠١)، و «شرح مسلم» (١٠/ ٢٣٠)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦٠)، و «المغني» (٤/ ١٤٨)، و «الكافي» (٢/ ٣٠٢)، و «المبدع» (٤/ ٢٩)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٠٦)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٨٦)، و «زاد المعاد» (٥/ ٧٩٤)، و «نيل الأوطار» (٦/ ٢٣).