وقالَ الشافِعيَّةُ: إنْ كانَ المِلْكُ على الدُّيونِ مُستقِرًّا، كغَرامةِ المُتلَفِ وبَدَلِ القَرضِ جازَ بَيعُه مِمَّنْ عليه قبلَ القَبضِ، لأنَّ مِلْكَه مُستقِرٌّ عليه، فجازَ بَيعُه، كالمَبيعِ بعدَ القَبضِ.
واختَلَفوا في بَيعِه مِنْ غيرِ مَنْ هو عليه هل يَجوزُ أو لا؟ فيه وَجهانِ:
أحَدُهما: يَجوزُ، وهو المُعتمَدُ؛ لأنَّ ما جازَ بَيعُه مِمَّنْ عليه جازَ بَيعُه مِنْ غيرِه، كالوَديعةِ، ولأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه يَقدِرُ على تَسليمِه إلَيه مِنْ غيرِ مَنعٍ ولا جُحودٍ.
لكنْ بشَرطِ أنْ يَقبِضَ مُشتَرِي الدَّينِ الدَّينَ مِمَّنْ هو عليه، وأنْ يَقبِضَ بائِعُ الدَّينِ العِوَضَ في المَجلِسِ؛ فإنْ تَفرَّقا قبلَ قَبضِ أحَدِهما بطَل العَقدُ.
والآخَرُ: لا يَجوزُ، وهو الأظهَرُ؛ لأنَّه لا يَقدِرُ على تَسليمِه إليه؛ لأنَّه رُبَّما منَعه أو جَحَدَه، وذلك غَرَرٌ لا حاجةَ به إليه؛ فلَم يَجُزْ.
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٩٨، ١٠١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٦/ ٣٣٩، ٣٤١)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٧٦، ٧٧)، و «مواهب الجليل» (٦/ ١٩٤، ١٩٦)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٥٤٤، ٥٤٥)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٣٨٣، ٣٨٧)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٧٨، ٧٩).