وأمَّا بَيعُه بحالٍّ أو بمُعيَّنٍ يَتأخَّرُ قَبْضُه، أو بمَنافِعَ مُعيَّنةٍ فلا يُمنَعُ.
والثَّالثُ: ابتِداءُ الدَّيْنِ بالدَّينِ؛ كتَأخيرِ رَأْسِ مالِ السَّلَمِ أكثَرَ مِنْ ثَلاثةِ أيَّامٍ. ومَعناهُ: أنْ يَتعاقَدا على أنْ يُسَلِّمَه دِينارًا في شَيءٍ على أنَّه لا يَأتيه برَأْسِ السَّلَمِ إلَّا بعدَ ثَلاثةِ أيَّامٍ أو أكثَرَ؛ فإنَّه مَمنوعٌ؛ لِما فيه مِنْ ابتِداءِ دَينٍ بدَينٍ؛ إذْ كُلٌّ مِنهما أشغَلُ ذِمَّةَ صاحِبِه بدَينٍ له عليه.
وقالوا في بَيانِ حُكمِ بَيعِ الدَّينِ بالنَّقدِ:
يُشترَطُ لِصِحَّةِ بَيعِ الدَّينِ:
١ - حُضورُ المَدينِ، وذلك يَستلزِمُ حَياتَه، فلا يَجوزُ مع غَيبةِ المَدينِ؛ لأنَّه مع الغَيبةِ لا يَدري حالَه مِنْ فَقرٍ أو غِنًى، والثَّمنُ يَختلِفُ باختِلافِ حالِه، فيُؤَدِّي لِلجَهلِ.
٢ - إقرارُ المَدِينِ بالدَّيْنِ، وإنْ لَم يُقِرَّ لا يَصحُّ، ولو ثبَت بالبَيِّنةِ؛ لأنَّه مِنْ بَيعِ ما فيه خُصومةٌ.
٣ - تَعجيلُ الثَّمنِ؛ لأنَّه إذا لَم يُعجِّلْ في الحينِ كانَ مِنْ بَيعِ الدَّينِ بالدَّينِ، ولا فَرقَ بينَ أنْ يُعجِّلَ حَقيقةً أو حُكمًا، كبَيعِه بمَنافِعِ عَينٍ أو بمُعيَّنٍ يَتَأخَّرُ قَبْضُه؛ إذْ لا يُمتنَعُ ذلك في بَيعِ الدَّينِ، بخِلافِ فَسخِه.
٤ - كَونُ الثَّمنِ مِنْ غيرِ جِنسِ الدَّينِ أو بجِنسِه في غيرِ العَينِ، لأنَّه إذا بِيعَ بجِنسِه كانَ سَلَفًا بزِيادةٍ؛ لأنَّ شَأنَ الدَّينِ أنْ يُباعَ بأقَلَّ.
٥ - أنْ يَتَّحِدا قَدْرًا وصِفةً، ليس إنْ كانَ أقَلَّ؛ لِما فيه مِنْ دَفعِ قَليلٍ في كَثيرٍ، وهو سَلَفٌ بمَنفَعةٍ.