للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا المالِكيَّةُ فقد قَسَّموا بَيعَ الكالِئِ بالكالِئِ إلى ثَلاثةِ أقسامٍ، وهي:

فَسخُ الدَّينِ في الدَّينِ، وبَيعُ الدَّينِ بالدَّينِ، وابتِداءُ الدَّينِ بالدَّينِ.

فالأوَّلُ: فَسخُ ما في الذِّمَّةِ في مُؤخَّرٍ مِنْ غيرِ جِنسِه، أو في أكثَرَ، ممَّا لو كانَ عليه عَشَرةُ دَراهِمَ فسَخها في دِينارٍ أو ثَوبٍ مُتأخِّرٍ قَبْضُه، أو في أحَدَ عشَرَ دِرهَمًا يَتأخَّرُ قَبضُها، وأمَّا تَأخيرُها مِنْ غيرِ زِيادةٍ أو مع حَطيطةِ بَعضِها، بأنْ يَحُطَّ عنه بَعضًا ويُؤخِّرَ البَقيَّةَ فجائِزٌ، هذا إذا كانَ المَفسوخُ فيه في الذِّمَّةِ، بَلْ ولو كانَ مُعيَّنًا، عَقارًا أو غيرَه، يَتأخَّرُ قَبضُه كغائِبٍ عن مَجلِسٍ الفَسخِ؛ لأنَّه لا يَدخُلُ في ضَمانِه إلَّا بالقَبضِ مع بَقاءِ الصِّفةِ المُعيَّنةِ حينَ الفَسخِ.

أو كانَ المَفسوخُ فيه مَنافِعُ شَيءٍ مُعيَّنٍ؛ كأنْ يُفسَخَ ما عليه مِنْ الدَّينِ في رُكوبِ دابَّةٍ أو خِدمةِ عَبدٍ أو سُكنَى دارٍ مُعيَّنةٍ، وأمَّا غيرُ المُعيَّنةِ فلا يَجوزُ؛ فعُلم أنَّه لا يَجوزُ لِمَنْ له دَينٌ على ناسِخٍ أنْ يَقولَ لَهُ: انسَخْ لي هذا الكِتابَ بما لي علَيكَ مِنْ الدَّينِ، وأمَّا لو نَسَخَ لَكَ الكِتابَ أو خَدَمَكَ بأجْرٍ مَعلومٍ بغيرِ شَرطٍ، وبعدَ الفَراغِ قاصَصتَه بما عليه فجائِزٌ؛ لأنَّه ليسَ بفَسخِ ما في الذِّمَّةِ في مُؤخَّرٍ، بَلْ هو مُقاصَصةٌ شَرعيَّةٌ.

والثَّاني: بَيعُ الدَّينِ بدَيْنٍ لِغيرِ مَنْ هو عليه، كبَيعِ دَينٍ على غَريمِكَ بدَينٍ في ذِمَّةِ رَجُلٍ ثالِثٍ أو رابِعٍ.

مِثالُه: بَكْرٌ له دَينٌ على زَيدٍ، وخالِدٌ له دَينٌ على عَمرٍو، فيَبيعُ خالِدٌ دَينَه الذي على عَمرٍو بدَينِ بَكرٍ الذي على زَيدٍ، وهذه مُمتَنَعةٌ، ولو كانَ كُلٌّ مِنْ الدَّينَيْنِ حالًّا؛ لعَدمِ تَأتِّي الحَوالةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>