للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّنانيرَ؛ فقالَ : «لا بَأْسَ أنْ تَأخُذَ بسِعرِ يَومِها ما لَم تَفتَرِقا وبينَكما شَيءٌ» (١).

فهذا البَيعُ بينَ الدَّنانيرِ والدَّراهِمِ بَيعٌ لِلدَّينِ بعَينٍ مِمَّنْ عليه الدَّيْنُ، لأنَّ قَولَه: أبيعُ بالدَّنانيرِ، أي: دَيْنًا؛ لأنَّه لَم يَقبِضْهما، ثم أستَبدِلُ بها دَراهِمَ أقبِضُها.

وأمَّا إنْ باعَه لِغيرِ مَنْ هو عليه فباطِلٌ عندَ الجُمهورِ.

وإلَيكَ نُصوصَ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ في مُسالةِ بَيعِ الدَّينِ بالدَّينِ:

قالَ الإمامُ الكاسانيُّ : ولا يَنعقِدُ بَيعُ الدَّينِ مِنْ غيرِ مَنْ عليه الدَّينُ؛ لأنَّ الدَّينَ إمَّا أنْ يَكونَ عِبارةً عن مالٍ حُكميٍّ في الذِّمَّةِ، وإمَّا أنْ يَكونَ عِبارةً عن فِعلِ تَمليكِ المالِ وتَسليمِه.

وكُلُّ ذلك غيرُ مَقدورِ التَّسليمِ في حَقِّ البائِعِ.

ولو شرَط التَّسليمَ على المَدِينِ لا يَصحُّ أيضًا؛ لأنَّه شرَط التَّسليمَ على غيرِ البائِعِ فيَكونُ شَرطًا فاسِدًا؛ فيَفسُدُ البَيعُ، ويَجوزُ بَيعُه مِمَّنْ عليه؛ لأنَّ المانِعَ هو العَجزُ عن التَّسليمِ، ولا حاجةَ إلى التَّسليمِ هَهُنا.

ونَظيرُ بَيعِ المَغصوبِ أنَّه يَصحُّ مِنْ الغاصِبِ ولا يَصحُّ مِنْ غيرِه إذا كانَ الغاصِبُ مُنكِرًا، ولا بَيِّنةَ لِلمالِكِ، ولا يَجوزُ بَيعُ المُسلَّمِ فيه؛ لأنَّ المُسلَّمَ فيه مَبيعٌ، ولا يَجوزُ بَيعُ المَبيعِ قبلَ القَبضِ (٢).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٣٥٤)، والترمذي (١٢٤٢)، والنسائي (٣٣٥٤)، وابن ماجه (٢٢٦٢).
(٢) «بدائع الصنائع» (٥/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>