للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كسَجَّادةٍ مَثَلًا، أو بقَدْرٍ مِنْ المالِ يَدفَعُه مَنْ عليه الدَّينُ، يَصحُّ البَيعُ؛ لأنَّه في مَعنَى الصُّلحِ.

ومِثالُ بَيعِ الدَّينِ لِغيرِ المَدِينِ: أنْ يَقولَ رَجُلٌ لِغيرِه: بِعتُكَ العِشرينَ مُدًّا مِنْ القَمحِ التي لي عندَ فُلانٍ بكَذا، تَدفَعُها لي بعدَ شَهرٍ، أو بسِلعةٍ حاضِرةٍ (عَينٍ)، لَم يَصحَّ البَيعُ؛ لعَدمِ القُدرةِ على تَسليمِ المَبيعِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : قالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ بَيعَ الدَّينِ بالدَّينِ لا يَجوزُ.

وقالَ أحمدُ: إنَّما هو إجماعٌ (١).

قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : قالَ أحمدُ: لَم يَصحَّ فيه حَديثٌ، ولكنْ هو إجماعٌ، وهذا مِثلُ أنْ يُسلِفَ إلَيه شَيئًا مُؤجَّلًا في شَيءٍ مُؤجَّلٍ؛ فهذا هو الذي لا يَجوزُ بالإجماعِ (٢).

وقالَ النَّوويُّ : «لا يَجوزُ نَسيئةً بنَسيئةٍ، بأنْ يَقولَ: بِعْني ثَوبًا في ذِمَّتي بصِفةِ كذا إلى شَهرِ كذا بدِينارٍ مُؤجَّلٍ، إلى وَقتِ كذا، فيَقولَ قَبِلتُ، وهذا فاسِدٌ بلا خِلافٍ (٣).

قالَ ابنُ القيِّمِ : إنَّما ورَد النَّهيُ عن بَيعِ الكالِئِ بالكالِئِ، -والكالِئُ هو المُؤخَّرُ الذي لَم يُقبَضْ، كما لو أسلَمَ في شَيءٍ في الذِّمَّةِ


(١) «المغني» (٤/ ٥١)، و «الإجماع» (٩٢).
(٢) «نظرية العقد» لابن تيمية ص (٢٣٥).
(٣) «المجموع» (٩/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>