للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّحمَ لأنَّه أعظَمُ المَقصودِ، وقد أجمَعَ المُسلِمونَ على تَحريمِ شَحمِه ودَمِه وسائِرِ أجزائِه (١).

قالَ ابنُ القيِّمِ : وأمَّا تَحريمُ بَيعِ الخِنزيرِ فيَتناوَلُ جُملَتَه وجَميعَ أجزائِه الظَّاهِرةِ والباطِنةِ.

وتَأمَّلْ كَيفَ ذكَر لَحمَه عندَ تَحريمِ الأكلِ، إشارةً إلى تَحريمِ أكلِه، ومُعظَمُه اللَّحمُ؛ فذكَر اللَّحمَ تَنبيهًا على تَحريمِ أكلِه دونَ ما قَبلُه، بخِلافِ الصَّيدِ؛ فإنَّه لَم يَقُلْ فيه: وحرَّم عليكم لَحمَ الصَّيدِ، بَلْ حرَّم الصَّيدَ نَفْسَه؛ لِيَتناوَلَ ذلك أكلَه وقَتلَه، وهَهُنا لمَّا حرَّم البَيعَ ذكَر جُملَتَه، ولَم يَخُصَّ التَّحريمَ بلَحمِه؛ لِيَتناوَلَ بَيعَه حَيًّا ومَيْتًا (٢).

وقالَ ابنُ كَثيرٍ عندَ تَفسيرِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ [المائدة: ٣]، قالَ: يَعني إنسيَّه ووَحشيَّه واللَّحمُ يُعمِّمُ جَميعَ أجزائِه، حتى الشَّحمِ، ولا يَحتاجُ إلى تَحَذلُقِ الظَّاهِريَّةِ في جُمودِهم ههُنا وتَعسُّفِهم في الِاحتِجاجِ بقَولِه : ﴿فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا﴾، يَعنونَ قَولَه تَعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥]، أعادوا الضَّميرَ فيما فَهِموه على الخِنزيرِ، حتى يُعمِّمَ جَميعَ أجزائِه، وهذا بَعيدٌ مِنْ حيثُ اللُّغةُ؛ فإنَّه لا يَعودُ الضَّميرُ إلَّا إلى المُضافِ دونَ المُضافِ إليه، والأظهَرُ أنَّ اللَّحمَ يُعمِّمُ جَميعَ الأجزاءِ، كما هو


(١) «شرح مسلم» (١٣/ ٩٦).
(٢) «زاد المعاد» (٥/ ٧٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>