للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ في «الأوسَطِ»: وأجمَعَ أهلُ العِلمِ على تَحريمِ الخِنزيرِ، والخِنزيرُ مُحرَّمٌ بالكِتابِ والسُّنةِ واتِّفاقِ الأُمَّةِ (١).

وقالَ ابنُ بطَّالٍ : أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ بَيعَ الخِنزيرِ وشِراءَه حَرامٌ، وأجمَعوا على قَتلِ كلِّ ما يُستضَرُّ به ويُؤذِي ممَّا لا يَبلُغُ أذَى الخِنزيرِ، كالفَواسِقِ التي أمَرَ النَّبيُّ المُحرِمَ بقَتلِها؛ فالخِنزيرُ أوْلَى بذلك؛ لِشِدَّةِ أذاه.

ألَا تَرَى أنَّ عيسى ابنَ مَريَمَ يَقتُلُه عندَ نُزولِه؟! فقَتْلُه واجِبٌ، وفيه دَليلٌ على أنَّ الخِنزيرَ حَرامٌ في شَريعةِ عيسى، وأنَّ قَتلَه له تَكذيبٌ لِلنَّصارَى أنَّه حَلالٌ في شَريعَتِهم (٢).

ولأنَّ مِنْ شَرطِ المَعقودِ عليه -سَواءٌ أكانَ ثَمَنًا أو مُثمَّنًا- أنْ يَكونَ طاهِرًا، وأنْ يُنتفَعَ به شَرعًا.

والأصلُ في حِلِّ ما يُباعُ أنْ يَكونَ مُنتفَعًا بهِ؛ لأنَّ بَيعَ غيرِ المُنتفَعِ به شَرعًا لا يَتحقَّقُ به الرِّضا؛ فيَكونُ مِنْ أكلِ المالِ بالباطِلِ، وهو مَنهيٌّ عنه، والخِنزيرُ -إنْ كانَ فيه بَعضُ المَنافِعِ- مَنافِعُه مُحرَّمةٌ شَرعًا، والمَعدومُ شَرعًا كالمَعدومِ حِسًّا.

وكذا يَحرُمُ شَحمُه ولَحمُه وسائِرُ أجزائِه؛ لقولِه : ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ [المائدة: ٣]، قالَ النَّوويُّ: فذكَر


(١) «الأوسط» (٢/ ٢٨٠).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>