للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ: أمَرتُه أنْ يَبيعَها، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ : «إنَّ الذي حرَّم شُربَها حرَّم بَيعَها»، ففَتَحَ الرَّجُلُ المَزادَتَيْنِ حتى ذهَب ما فيهما (١).

قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : فأطلَقَ النَّبيُّ عن اللَّهِ تَحريمَها، ولا خِلافَ بينَ عُلماءِ المُسلِمينَ أنَّ تَحريمَها إنَّما ورَد في سُورةِ المائِدةِ بلَفظِ النَّهيِ، في قَولِه : ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)[المائدة: ٩٠]، وهذه الآيةُ نَسَختْ كُلَّ لَفظٍ ورَد بإباحَتِها نَصًّا أو دَليلًا؛ فنَسَختْ ما جَرى مِنْ ذِكرِها في سُورةِ البَقَرةِ وسُورةِ النِّساءِ وسُورةِ النَّحلِ، وأجمَعَتِ الأُمَّةُ على أنَّ خَمرَ العِنَبِ حَرامٌ في عَينِها، حَرامٌ قَليلُها وكَثيرُها، فأغنَى ذلك عن الإكثارِ فيها (٢).

وقالَ أيضًا: وأمَّا قَولُه في الخَمرِ في حَديثِ هذا البابِ: «إنَّ الذي حرَّم شُربَها حرَّم بَيعَها»، هذا إجماعٌ مِنْ المُسلِمينَ كافَّةً عن كافَّةٍ أنَّه لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ بَيعُ الخَمرِ، ولا التِّجارةُ في الخَمرِ (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : وأجمَعوا على أنَّ بَيعَ الخَمرِ غيرُ جائِزٍ (٤).


(١) رواه مالك في «الموطأ» (١٥٤٣)، والشافعي في «الأم» (٦/ ١٧٩)، وأحمد في «المسند» (٢٠٤١).
(٢) «التمهيد» (٤/ ١٤١، ١٤٢).
(٣) «الإجماع» (٤٧٠).
(٤) رواه البخاري (٤٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>