فالفاسِدُ مِنْ الحَجِّ والعُمرةِ يَجِبُ قَضاؤُه، والمُضِيُّ فيه، والخُلعُ الفاسِدُ يَترتَّبُ عليه البَينونةُ، والكِتابةُ الفاسِدةُ قد يَترتَّبُ عليها العِتقُ، بخِلافِ الباطِلِ مِنها، فلا يَترتَّبُ عليه شَيءٌ مِنها (١).
وقالَ المالِكيَّةُ: مُطلَقُ النَّهيِ عنِ العَقدِ مِنْ جِهةِ الشارِعِ يَدلُّ على فَسادِه؛ فكلُّ مَنهيٍّ عنه فاسِدٌ، أي: باطِلٌ، سَواءٌ كانَ عِبادةً، كَصَومِ يَومِ العيدِ، أو عَقدًا، كَنِكاحِ المَريضِ أو المُحرِمِ، وكبَيعِ ما لا قُدرةَ على تَسليمِه، أو مَجهولٍ؛ لأنَّ النَّهيَ يَقتَضي الفَسادَ، إلَّا أنْ يَدُلَّ دَليلٌ شَرعيٌّ على صِحَّةِ المَنهيِّ عنه بعدَ الوُقوعِ، فلا فَسادَ، ويَكونَ حينَئذٍ مُخصَّصًا لِهَذِه القاعِدةِ، وذلك كالنَّجشِ، وبَيعِ المُصَرَّاةِ، وتَلَقِّي الرُّكبانِ، وسَواءٌ كانَ الدَّليلُ مُتَّصِلًا بالنَّهيِ، أو مُنفصِلًا عنه؛ فالمُتَّصِلُ كَأنْ يَكونَ النَّهيُ والصِّحَّةُ في حَيِّزٍ واحِدٍ، والمُنفصِلُ يَكونُ النَّهيُ فيه في حَيِّزٍ والصِّحَّةُ في حَيِّزٍ آخَرَ.
وهذه قَضيَّةٌ كُلِّيَّةٌ شامِلةٌ لِلعِباداتِ والمُعامَلاتِ، وهي العُقودُ، سَواءٌ كانَ عَقدَ نِكاحٍ أو بَيعٍ، فكلُّ مَنهيٍّ عنه فاسِدٌ، إلَّا لِدَليلٍ شَرعيٍّ يَدلُّ على صِحَّتِه.
(١) يُنظر: «نهاية المحتاج مع حاشية الشبرملسي» (٤/ ٣٢٤)، و «حاشية الرملي على أسنى المطالب» (٢/ ١٧١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٩)، و «رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب» (٢/ ١٩، ٢١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٠٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ١٥٥).