ويُشترَطُ قِيامُ المَبيعِ حالةَ الفَسخِ؛ لأنَّ الفَسخَ بدُونِه مُحالٌ؛ فإنْ باعَه أو أعتَقَه أو وهَبه بعدَ القَبضِ جازَ، ولا يُنقَضُ لِمُصادَفةِ هذه التَّصرُّفاتِ مِلْكُه، ومُنِعَ الفَسخُ.
وعليه قِيمَتُه يَومَ قَبضِه، إنْ كانَ مِنْ ذَواتِ القِيَمِ، أو مِثلُه إنْ كانَ مِثليًّا؛ لأنَّه كالغَصبِ مِنْ حيثُ إنَّه مَنهيٌّ عن قَبضِه، ولِما كانَ هذا العَقدُ ضَعيفًا؛ لِمُجاوَرَتِه المُفسِدَ، تَوقَّفَ إفادةُ المِلْكِ على القَبضِ، كالهِبةِ.
فاشتَرَطوا لِإفادةِ البَيعِ الفاسِدِ المِلْكَ شَرطَيْنِ:
أحَدُهما: القَبضُ؛ فلا يثبُتُ المِلْكُ قبلَ القَبضِ، لأنَّه واجِبُ الفَسخِ؛ رَفعًا لِلفَسادِ، وفي وُجوبِ المِلْكِ قبلَ القَبضِ تَقرُّرُ الفَسادِ.
والآخَرُ: أنْ يَكونَ القَبضُ بإذْنِ البائِعِ؛ فإنْ قبَض بغيرِ إذْنٍ لا يثبُتُ المِلْكُ.
والمَكروهُ: ما يَصحُّ أصلًا ووَصفًا، وقد جاوَرَه مَنهيٌّ عنه، كالبَيعِ عندَ أذانِ الجُمُعةِ (١).
وهذا في الجُملةِ، إلَّا أنَّ بَعضَ الشافِعيَّةِ وافَقوا الحَنفيَّةَ في الفَرقِ بينَ الفاسِدِ والباطِلِ، حيثُ قالوا: إنْ رجَع الخَلَلُ إلى رُكنِ العَقدِ فالبَيعُ باطِلٌ، وإنْ رجَع إلى شَرطِه ففاسِدٌ، وقالَ جُمهورُ الشافِعيَّةِ: إنَّهما مُتَرادِفانِ، إلَّا في أربَعِ مَسائِلَ: وهي الحَجُّ والعُمرةُ والخُلعُ والكِتابةُ.
(١) يُنظر: «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٠٥)، و «الاختيار» (٢/ ٢٦، ٢٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٧١، ٧٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٥٧، ٥٨)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ٥٢، ٥٥)، و «اللباب» (١/ ٣٧٧، ٣٧٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute