وفي العِبادةِ: مُوافَقةُ الفِعلِ ذي الوَجهَيْنِ الشَّرعَ؛ فما نُهيَ عنه ففاسِدٌ.
وما فسَد تَعيَّنَ رَدُّه إلى رَبِّه، ما لَم يَفُتْ، كَألَّا يَخرُجَ عن يَدِه ببَيعٍ، أو بُنيانٍ، أو غَرسٍ؛ فإنْ فاتَ بيَدِ المُشتَري مَضى المُختلَفُ فيه -ولو في خارِجِ المَذهبِ المالِكيِّ- بالثَّمنِ الذي وقَع به البَيعُ، وإنْ لَم يَكُنْ مُختلَفًا فيه، بَلْ كانَ مُتَّفقًا على فَسادِه، ضمِن المُشتَرِي قِيمَتَه إنْ كانَ مُقوَّمًا حينَ القَبضِ، وضمِن مثلَ المِثلِيِّ إذا بِيعَ كَيلًا أو وَزنًا، وعُلم كَيلُه أو وَزنُه، ولَم يَتعذَّرْ وُجودُه، وإلَّا ضمِن قِيمَتَه يَومَ القَضاءِ عليه بالرَّدِّ (١).
والبُيوعُ المَنهيُّ عنها مِنها هو مُتَّفقٌ على فَسادِه بينَ الفُقهاءِ، وهو الأغلَبُ؛ لأنَّه مُقتَضى النَّهيِ، ومِنها ما هو مُختلَفٌ فيه مع وُرودِ النَّهيِ عَنها؛ فيُحكَمُ بفَسادِها أو بصِحَّتِها؛ لِكَونِ النَّهيِ ليسَ لِخُصوصيَّةِ البَيعِ، بَلْ لِأمْرٍ آخَرَ.
وقد قَسَّمَ عُلماءُ الحَنفيَّةِ البُيوعَ المَنهيَّ عنها إلى بُيوعٍ باطِلةٍ وفاسِدةٍ ومَكروهةٍ -أي: تَحريمًا- وفَرَّقوا بينَها.
(١) يُنظر: «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٨٥)، و «تحرير المقالة في شرح الرسالة» (٥/ ١٣٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٥٣٣)، و «مواهب الجليل» (٦/ ١٨٩)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٣٧٠)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٦٧، ٦٨)، و «الواكة الدواني» (٢/ ١٠٩).