للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدِهما جِنسٌ آخَرُ؛ يُمتنَعُ حينَئذٍ البَيعُ أو يَجوزُ؟ فذهَب إلى الأوَّلِ مالِكٌ والشافِعيُّ وابنُ حَنبَلٍ مُحتَجِّينَ بثَلاثةِ وُجوهٍ:

الوَجْهُ الأوَّلُ: أنَّ المُضافَ يُحتمَلُ أنْ يُقابِلَه مِنْ الآخَرِ ما لا يَبقَى بعدَ المُقابَلةِ، إلَّا أقَلَّ مِنْ مُساوِي المُضافِ إليه، والمُماثِلَ له، والمُماثَلةُ شَرطٌ، والجَهلُ بالشَّرطِ يُوجِبُ الجَهلَ بالمَشروطِ، فلا يَقضي بالصِّحَّةِ.

الوَجهُ الثَّاني: أنَّه ذَريعةٌ إلى التَّفاضُلِ، فيَجِبُ سَدُّها، لا سيَّما أنَّه قالَ: «لا تَبيعوا الذَّهبَ بالذَّهبِ، ولا الفِضَّةَ بالفِضَّةِ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ»، فجعَل الجَميعَ على المَنعِ إلَّا في حالةِ المُماثَلةِ، وهذه الحالةُ غيرُ مَعلومةٍ في صُورةِ النِّزاعِ، فوجَب بَقاؤُها على المَنعِ.

الوَجْهُ الثَّالثُ: في مُسلِمٍ عن النَّبيِّ أنَّه أُتيَ بقِلادةٍ وهو بخَيبَرَ فيها ذَهَبٌ وخَرَزٌ، فمنَع بَيعَها حتى تُفصَّلَ.

وذهَب إلى الثَّاني أبو حَنيفةَ؛ بناءً على أمرَيْنِ:

الأوَّلُ: أنَّ ظاهِرَ حالِ المُسلِمينَ يَقتَضي الظَّنَّ بحُصولِ المُماثَلةِ، والظَّنُّ كافٍ في ذلك، كالطَّهاراتِ وغيرِها.

الأمرُ الآخَرُ: أنَّ قَضيةَ القِلادةِ واقِعةُ عَينٍ، لَم يَتعيَّنِ المَنعُ فيها لِما ذُكِرَ، أي: مِنْ أنَّ المُضافَ يُحتمَلُ أنْ يُقابِلَه مِنْ الآخَرِ ما لا يَبقَى بعدَ المُقابَلةِ، إلَّا أقَلَّ مِنْ مُساوِي المُضافِ إليه، إلَخ … بَلْ لأنَّ الحُلِيَّ كانَ الذي فيها مَجهولَ الزِّنةِ، ونحن لا نُجيزُه مع الجَهلِ بالزِّنةِ؛ فإذا فُصِّلَتِ القِلادةُ ووُزِنَتْ عُلم

<<  <  ج: ص:  >  >>