وَزنُها؛ فجازَ بَيعُها، فلِمَ قُلتُم: إنَّ المَنعَ ما كانَ لِذلك؟
والجَوابُ عن الأوَّلِ: إنَّا لا نُسلِّمُ بأنَّ الظَّنَّ يَكفي في المُماثَلةِ في بابِ الرِّبا، بَلْ لا بدَّ مِنْ العِلمِ بشَهادةِ المِيزانِ والمِكيالِ، وبابُ الرِّبا أضيَقُ مِنْ بابِ الطَّهارةِ، فَلا يُقاسُ عليه.
وعن الأمرِ الآخَرِ: بأنَّا لَم نَقُلْ: إنَّ المَنعَ في قَضيةِ القِلادةِ كانَ لأنَّ الحُلِيَّ كانَ الذي فيها مَجهولَ الزِّنةِ، بَلْ قُلْنا: إنَّ المَنعَ فيها كانَ لِما ذَكَرْناه؛ اعتِمادًا على حَديثِ:«لا تَبيعوا الذَّهبَ بالذَّهبِ … »؛ لأنَّ حالةَ المُماثَلةِ التي مُفادُ الحَديثِ اشتِراطُها في جَوازِ البَيعِ غيرُ مَعلومةٍ في صُورةِ النِّزاعِ؛ فوجَب بَقاؤُها على المَنعِ، كما تَقدَّمَ على أنَّه يَلزَمُ على أصلِ أبي حَنيفةَ أنْ يَجوزَ بَيعُ دِينارٍ في قِرطاسٍ بدِينارَيْنِ؛ لِاحتِمالِ مُقابَلةِ الدِّينارِ الزَّائِدِ بالقِرطاسِ، وهو قد جَوَّزَه، وهو شَنيعٌ، فتَأمَّلْ، وهذه القاعِدةُ تُسَمَّى مُدَّ عَجوةٍ ودِرهَمٍ بدِرهمَيْنِ، واللَّهُ ﷾ أعلَمُ (١).
وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ ﵀: المَسألةُ التي نقَلها الفُقهاءُ -مَسألةَ «مُدُّ عَجوةٍ» - على ثَلاثةِ أقسامٍ، يَجمَعُها أنَّه بَيعُ رِبَويٍّ بجِنسِه، ومعهما، أو مع أحَدِهما مِنْ غيرِ جِنسِهما: