للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلًا مُعتبَرًا لَكانَ بَيعُ مُدِّ تَمرٍ بمُدَّيْنِ جائِزًا، لِيَكونَ تَمرُ كلِّ واحِدٍ مِنهُما بنَوَى الآخَرِ، حَملًا لِلعَقدِ على وَجْهٍ يَصحُّ فيه ولا يَفسُدُ، أو يَكونُ مُدًّا بمُدٍّ، والآخَرُ مَحمولًا على الهِبةِ دونَ البَيعِ؛ فلمَّا لَم يَجُزِ اعتِبارُ هذا في العَقدِ وجَب اعتِبارُ إطلاقِه في العُرفِ المَقصودِ مِنه كذلك في مَسألَتِنا.

وأمَّا استِدلالُهم بأنَّ المُماثَلةَ مُعتبَرةٌ بالقَدْرِ دونَ القِيمةِ، فالجَوابُ عنه أنَّ القِيمةَ غيرُ مُعتبَرةٍ، وإنَّما يُعتبَرُ تَماثُلُ القَدْرِ، غيرَ أنَّ بالقِيمةِ في الأجناسِ المُختَلِفةِ يُعلَمُ تَماثُلُ القَدْرِ، أو تَفاضُلُه، واللَّهُ أعلَمُ (١).

وجاءَ في «تَهذيبِ الفُروقِ» في الفَرقِ الثَّامِنِ والثَّمانينَ والمِئةِ بينَ قاعِدةِ تَحريمِ بَيعِ الرِّبَويِّ بجِنسِه، وبينَ قاعِدةِ عَدَمِ تَحريمِ بَيعِه بجِنسِه.

واتَّفق الأئِمَّةُ الأربَعةُ على جَوازِ بَيعِ الرِّبَويِّ بجِنسِه إذا كانَ الرِّبَويانِ مُستوِيَيْنِ في المِقدارِ، ولَم يَكُنْ معهما ولا مع أحَدِهما عَينٌ أُخرَى، ولا جِنسٌ آخَرُ.

واتَّفق الجَميعُ على المَنعِ إذا كانَ الرِّبَويانِ مُستوِيَيْنِ في المِقدارِ، ومع أحَدِهما عَينٌ أُخرَى؛ لأنَّها تُقابِلُ مِنْ أحَدِهما جُزءًا، فيَبقَى أحَدُهما أكثَرَ مِنْ الآخَرِ بالضَّرورةِ، فيَذهَبُ ما يَعتمِدُ عليه أبو حَنيفةَ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بالمُسلِمينَ.

واختَلَفوا فيما إذا اتَّحَدَ جِنسُ الرِّبَويِّ مِنْ الطَّرفَيْنِ وكانَ معهما أو مع


(١) «الحاوي الكبير» (٥/ ١١٣، ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>