للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: أنَّ النَّبيَّ أطلَقَ الجَوابَ مِنْ غيرِ سُؤالٍ، فدَلَّ على استِواءِ الحالَيْنِ.

والآخَرُ: أنَّ قَولَ المُشتَرِي: إنَّما أرَدتُ الحِجارةَ، دَليلٌ على أنَّ الذَّهبَ يَسيرٌ دخَل على وَجْهِ التَّبَعِ. ورُويَ أنَّ مُعاويةَ ابتاعَ سَيفًا مُحَلًّى بالذَّهبِ بذَهَبٍ. فقالَ أبو الدَّرداءِ: لا يَصلُحُ هذا؛ فإنَّ رَسولَ اللَّهِ نهَى عنه، فقالَ: «الذَّهبُ بالذَّهبِ مِثْلًا بمِثْلٍ». فقالَ مُعاويةُ: ما أرَى بذلك بَأْسًا؛ فقالَ أبو الدَّرداءِ: أُحدِّثُكَ عن رَسولِ اللَّهِ وتُحدِّثُني عن رَأيِكَ، واللَّهِ لا أُساكِنُكَ أبدًا (١). فدَلَّ هَذانِ الحَديثانِ على صِحَّةِ ما ذَكَرْنا.

ثم الدَّليلُ عليه مِنْ طَريقِ المَعنَى هو أنَّ العَقدَ الواحِدَ إذا جَمَعَ شَيئَيْنِ مُختلِفيِ القِيمةِ كانَ الثَّمنُ مُقَسَّطًا على قِيمَتِهما، لا على أعدادِهما، يُوضِّحُ ذلك أصلانِ:

أحَدُهما: أنَّ مَنْ اشتَرَى شِقصًا مِنْ دارٍ وعَبدًا بألْفٍ، فاستَحقَّ الشِّقصَ بالشُّفعةِ، كانَ مَأخوذًا بحِصَّتِه مِنْ الثَّمنِ اعتِبارًا بقِيمَتِه وقِيمةِ العَبدِ، ولا يَكونُ مَأخوذًا بنِصفِ الثَّمنِ.

والآخَرُ: أنَّ مَنْ اشتَرَى عَبدًا وثَوبًا بألْفٍ، ثم استَحقَّ الثَّوبَ أو تلِف كانَ العَبدُ مَأخوذًا بحِصَّتِه مِنْ الألْفِ، ولا يَكونُ مَأخوذًا بنِصفِ الألْفِ.


(١) رواه مالك في «الموطأ» (١٣٠٢)، والشافعي في «مسنده» (١/ ٢٤٢)، والنسائي (٤٥٧٢)، والبيهقي في «الكبرى» (١٠٨٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>