بالذَّهبِ مِثْلًا بمِثْلٍ. فاستَدلَّ على ذلك بأنَّ العَقدَ إذا أمكَنَ حَملُه على الصِّحَّةِ كانَ أوْلَى مِنْ حَملِه على الفَسادِ، وقد رُويَ عن عمرَ ﵁ أنَّه قالَ:«إذا وَجَدتُم لِمُسلِمٍ مَخرَجًا فأخرِجوه». فلمَّا كانَ مُتبايِعًا المُدَّ والدِّرهَمَ بالمُدَّيْنِ لو شرَطا في العَقدِ أنْ يَكونَ مُدٌّ بمُدٍّ، ودِرهَمٌ بمُدٍّ، صَحَّ العَقدُ، وجَب أنْ يُحمَلَ عليه أيضًا مع عَدَمِ الشَّرطِ؛ لِيَكونَ العَقدُ مَحمولًا على وَجْهِ الصِّحَّةِ دونَ الفَسادِ. قالَ: ولأنَّ المُماثَلةَ فيما يَدخُلُه الرِّبا مُعتبَرةٌ بالكَيلِ إنْ كانَ مَكيلًا، أو بالوَزنِ إنْ كانَ مَوزونًا؛ فأمَّا القِيمةُ فلا اعتِبارَ بها في المُماثَلةِ، لا في المَكيلِ، ولا في المَوزونِ، ألَا تَراه لو باعَ كُرًّا مِنْ حِنطةٍ يُساوي عَشَرةَ دَنانيرَ بِكُّرٍّ مِنْ حِنطةٍ يُساوي عِشرينَ دِينارًا صَحَّ العَقدُ؛ لِوُجودِ التَّماثُلِ في الكَيلِ، وإنْ حصَل التَّفاضُلُ في القِيمةِ، وإذا بطَل اعتِبارُ القِيمةِ في المُماثَلةِ صارَ العَقدُ مُقَسَّطًا على الأجزاءِ دونَ القِيَمِ؛ ويَصيرُالبَيعُ مُدًّا بإزاءِ مُدٍّ، ودِرهَمًا بإزاءِ مُدٍّ.
والدِّلالةُ عليه حَديثُ فَضالةَ بنِ عُبَيدٍ ﵁ قالَ: أُتيَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ عامَ خَيبَرَ بقِلادةٍ فيها خَرَزٌ، وذَهَبٌ، ابتاعَها رَجُلٌ بتِسعةِ دَنانيرَ، أو بسَبعةِ دَنانيرَ، فقالَ النَّبيِّ ﷺ:«لا، حتى تُميِّزَ بينَهما»، فقالَ الرَّجُلُ: إنَّما أرَدتُ الحِجارةَ. فقالَ:«لا، حتى تُميِّزَ بينَهما».