له وأسقَطَ بَقيَّتَه خرَج عن مُوجِبِ العَقدِ، وكانَ قد أقرَضَه مِئةً، فوَفَّاه تِسعينَ بلا مَنفَعةٍ حَصَلتْ لِلمُقرِضِ، بَلِ اختَصَّ المُقتَرِضُ بالمَنفَعةِ، فهو كالمُرْبِي سَواءٌ في اختِصاصِه بالمَنفَعةِ دونَ الآخَرِ، وأمَّا في البَيعِ والإجارةِ فإنَّهما يَملِكانِ فَسخَ العَقدِ، وجَعْلَ العِوَضِ حالًّا أنقَص ممَّا كانَ، وهذا هو حَقيقةُ الوَضعِ والتَّعجيلِ، لكنْ تَحيَّلَا عليه، والِعبرةُ في العُقودِ بمَقاصِدِها لا بصُورِها، فإنْ كانَ الوَضعُ والتَّعجيلُ مَفسَدةً فالِاحتِيالُ عليه لا يُزيلُ مَفسَدَتَه، وإنْ لَم يَكُنْ مَفسَدةٌ لَم يَحتَجْ إلى الِاحتيالِ عليه.
فتَلَخَّصَ في المَسألةِ أربَعةُ مَذاهبَ:
المَنعُ مُطلَقًا بشَرطٍ وبِدونِه في دَينِ الكِتابةِ وغيرِه، كقَولِ مالِكٍ، وجَوازُه في دَينِ الكِتابةِ دونَ غيرِه، كالمَشهورِ مِنْ مَذهبِ أحمدَ وأبي حَنيفةَ، وجَوازُه في المَوضِعَيْنِ، كَقَولِ ابنِ عَبَّاسٍ ﵁ وأحمدَ في الرِّوايةِ الأُخرَى، وجَوازُه بلا شَرطٍ، وامتِناعُه مع الشَّرطِ المُقارِنِ، كقَولِ أصحابِ الشافِعيِّ، واللَّهُ ﷾ أعلَمُ (١).
وقالَ الإمامُ الطَّحاويُّ -بعدَ أنْ ذكَر كِلَا القَولَيْنِ-: فقالَ قائِلٌ: أفَتجعَلونَ حَديثَ ابنِ عَبَّاسٍ ﵁ الذي ذَكَرتُموه في أوَّلِ هذا البابِ حُجَّةً لِمَنْ أجازَ المَعنَى المَذكورَ فيه على مَنْ كَرِهَه؟ فكانَ جَوابُنا له في ذلك: أنَّه لا حُجَّةَ فيه عندَنا لِمَنْ ذهَب إلى إطلاقِ ذلك على مَنْ ذهَب إلى كَراهَتِه؛ لأنَّه