للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يَجوزُ أنْ يَكونَ كانَ مِنْ رَسولِ اللَّهِ ما كانَ مِنه مِنْ ذلك قبلَ تَحريمِ اللَّهِ الرِّبا، ثم حرَّم الرِّبا بعدَ ذلك، فحُرِّمتْ أسبابُه، وهذه مَسألةٌ في الفِقهِ جَليلةُ المِقدارِ مِنه، يَجِبُ أنْ تُتأمَّلَ حتى يُوقَفَ على الوَجْهِ فيها إنْ شاءَ اللَّهُ ، وهي حَطيطةُ البَعضِ مِنْ الدَّينِ المُؤجَّلِ؛ لِيَكونَ سَبَبًا لِتَعجيلِ بَقيَّتِه، فكَرِهَ ذلك مَنْ كَرهَهُ مِمَّنْ ذَكَرْنا، وأطلَقَه مَنْ سِواه مِمَّنْ وَصَفْنا، وكانَ الأصلُ في ذلك أنَّ الأمرَ لو جَرى في ذلك بينَ مَنْ هو له وبينَ مَنْ هو عليه بالوَضعِ والتَّعجيلِ على أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهما مَشروطٌ في صاحِبِه، كانَ واضِحًا أنَّ ذلك لا يَجوزُ، وأنَّه كالرِّبا الذي جاءَ القُرآنُ بتَحريمِه، وبِوَعيدِ اللَّهِ عليه، وهو أنَّ الجاهِليَّةَ كانوا يَدفَعونَ إلى مَنْ لَهم عليهم الدَّينُ العاجِلُ ما يَدفَعونَه إلَيهم مِنْ أموالِهم حتى يُؤَخِّروا عنهم ذلك الدَّينَ العاجِلَ إلى أجَلٍ يَذكُرونَه في ذلك التَّأخيرِ، فهُم يَكونونَ بذلك مُشتَرينَ أجَلًا بمالٍ، فحرَّم اللَّهُ ذلك، وأوعَدَ عليه الوَعيدَ الذي جاءَ به القُرآنُ، فكانَ مِثلُ ذلك وَضعَ بَعضِ الدَّينِ المُؤجَّلِ لِتَعجيلِ بَقيَّتِه في أنَّه لا يَجوزُ ذلك؛ لأنَّه ابتياعُ التَّعجيلِ بما يُتعجَّلُ مِنه بإسقاطِ بَقيَّةِ الدَّينِ الذي سقَط مِنه، فهذا واضِحٌ أنَّه لا يَجوزُ، ومِمَّن كانَ يَذهَبُ إلى ذلك مِنْ أهلِ العِلمِ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ وأبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ، كما حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ العَبَّاسِ حدَّثنا عَلِيُّ بنُ مَعبَدٍ أنبَأنا مُحمَّدُ بنُ الحَسَنِ حدَّثنا يَعقوبُ عن أبي حَنيفةَ بما ذَكَرْنا، ولَم يَحْكِ بينَهم في ذلك خِلافًا، وكما حدَّثنا يُونُسُ أنبَأنا

<<  <  ج: ص:  >  >>