ورُويَ عن ابنِ عَبَّاسٍ ﵁ والنَّخَعيِّ وابنِ سِيرينَ أنَّه لا بَأْسَ به.
وعن الحَسَنِ وابنِ سِيرينَ أنَّهُما كانا لا يَرَيانِ بَأْسًا بالعُروضِ أنْ يَأخُذَها مِنْ حَقِّه قبلَ مَحِلِّه؛ لأنَّهما تَبايَعا العُروضَ بما في الذِّمَّةِ، فصَحَّ، كما لو اشتَراها بثَمَنٍ مِثلِها، ولَعَلَّ ابنَ سِيرينَ يَحتَجُّ بأنَّ التَّعجيلَ جائِزٌ، والإسقاطَ وَحدَه جائِزٌ، فجازَ الجَمعُ بينَهما، كما لو فعَلا ذلك مِنْ غيرِ وَطأةٍ عليه.
ولنا: أنَّه يَبذُلُ القَدْرَ الذي يَحُطُّه عِوَضًا عن تَعجيلِ ما في ذِمَّتِه، وبَيعُ الحُلولِ والتَّأجيلِ لا يَجوزُ، كما لا يَجوزُ أنْ يُعطيَه عَشَرةً حالَّةً بعِشرينَ مُؤجَّلةً؛ ولأنَّه يَبيعُه عَشَرةً بعِشرينَ، فلَم يَجُزْ، كما لو كانَتْ مَعيبةً.
وبِفارِقِ ما إذا كانَ عن غيرِ مُواطَأةٍ، ولا عَقدٍ؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهما مُتبرِّعٌ ببَذْلِ حَقِّه مِنْ غيرِ عِوَضٍ، ولا يَلزَمُ مِنْ جَوازِ ذلك جَوازُه في العَقدِ، أو مع الشَّرِكةِ، كبَيعِ دِرهَمٍ بدِرهَمَيْنِ، ويُفارِقُ ما إذا اشتَرَى العُروضَ بثَمَنِ مِثلِها؛ لأنَّه لَم يَأخُذْ عن الحُلولِ عِوَضًا (١).
وذهَب زُفَرُ مِنْ الحَنفيَّةِ وابنُ تَيميَّةَ وابنُ القيِّمِ مِنْ الحَنابِلةِ، وهي رِوايةٌ عن أحمدَ، إلى جَوازِ هذه الصُّورةِ.