للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : والجَيِّدُ والرَّديءُ والتِّبرُ والمَضروبُ والصَّحيحُ والمَكسورُ سَواءٌ في جَوازِ البَيعِ مع التَّماثُلِ، وتَحريمِه مع التَّفاضُلِ، وهذا قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، مِنهم أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ، وحُكيَ عن مالِكٍ جَوازُ بَيعِ المَضروبِ بقِيمَتِه مِنْ جِنسِه، وأنكَرَ أصحابُه ذلك، ونَفَوْه عنه.

وقالَ ابنُ قُدامةَ أيضًا: إنْ قالَ لِصانِعٍ: اصنَعْ لي خاتَمًا وَزْنَ دِرهَمٍ، وأُعطيكَ مثلَ وَزنِه وأُجرَتَكَ دِرهَمًا، فليسَ ذلك بَيعَ دِرهمٍ بدِرهَمَيْنِ، وقالَ أصحابُنا: لِلصَّائِغِ أخْذُ الدِّرهَمَيْنِ، أحَدِهما في مُقابَلةِ الخاتَمِ، والآخَرِ أُجرةً له (١).

وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : ولا أثَرَ لِقِيمةِ الصَّنعةِ في ذلك حتى لو اشتَرَى بدَنانيرَ ذَهَبًا مَصوغًا قِيمَتُه أضعافُ الدَّنانيرِ، وتُعتبَرُ المُماثَلةُ ولا نَظَرَ إلى القِيمةِ.

ثم قالَ: والحِيلةُ في تَمليكِ الرِّبَويِّ بجِنسِه مُتفاضِلًا كبَيعِ ذَهَبٍ بذَهَبٍ مُتفاضِلًا أنْ يَبيعَه مِنْ صاحِبِه بدَراهِمَ أو عَرَضٍ، ويَشتَريَ مِنه بها أو به الذَّهبَ بعدَ التَّقابُضِ، فيَجوزَ، وإنْ لَم يَتفرَّقَا، ولَم يَتَخايَرَا؛ لِتَضمُّنِ البَيعِ الثَّاني إجازةَ الأوَّلِ، بخِلافِه مع الأجنَبيِّ، أو يُقرِضَ كُلٌّ صاحِبَه ويُبرِئَه، أو يَتَواهَبا الفاضِلَ لِصاحِبِه، وهذا جائِزٌ إذا لَم يُشترَطْ في بَيعِه وإقراضِه وهِبَتِه ما يَفعَلُه صاحِبُه، وإنْ كُرِهَ قَصدُه (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٢٩)، و «الكافي» (٢/ ٥٥).
(٢) «مغني المحتاج» (٢/ ٤٥١)، و «الإقناع» (٢/ ٢٧٩)، و «حواشي الشرواني» (٤/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>